سدا لذريعة ربا النسيئة ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة : من العرايا (١). وقد أشبعنا الكلام فيما يحل ويحرم : من لباس الحرير ، في كتاب : « التحبير ، لما يحل ويحرم من لباس الحرير ».
( فصل ) وأما الامر الطبي ، فهو : أن الحرير من الأدوية المتخذة من الحيوان ، ولذلك يعد في الأدوية الحيوانية. لان مخرجه من الحيوان. وهو كثير المنافع ، جليل الموقع. ومن خاصيته : تقوية القلب وتفريحه ، والنفع من كثير من أمراضه ، ومن غلبة المرة السوداء والأدواء الحادثة عنها. وهو مقو للبصر : إذا اكتحل به. والخام منه ـ وهو المستعمل في صناعة الطب ـ حار يابس في الدرجة الأولى. وقيل : حار رطب فيها وقيل معتدل ( في صناعة الطب ) (٢). وإذا اتخذ منه ملبوس : كان معتدل الحرارة في مزاجه ، مسخنا للبدن ، وربما برد البدن بتسمينه إياه.
قال الرازي : « الإبريسم (٣) أسخن من الكتان ، وأبرد من القطن ، يربى اللحم. وكل لباس خشن فإنه يهزل ويصلب البشرة ، وبالعكس ».
قلت : والملابس ثلاثة أقسام : قسم يسخن البدن ويدفئه ، وقسم يدفئه ولا يسخنه ، وقسم لا يسخنه ولا يدفئه. وليس هناك ما يسخنه ولا يدفئه : إذ ما يسخنه فهو أولى بتدفئته. فملابس الأوبار والأصواف تسخن وتدفئ ، وملابس الكتان والحرير والقطن تدفئ ولا تسخن. فثياب الكتان باردة يابسة ، وثياب الصوف حارة يابسة ، وثياب القطن معتدلة الحرارة ، وثياب الحرير ألين من القطن وأقل حرارة منه. قال صاحب المنهاج : « ولبسه لا يسخن كالقطن بل هو معتدل ». وكل لباس أملس صقيل : فإنه أقل إسخانا للبدن ، وأقل عونا في تحلل ما يتحلل منه ، وأحرى أن يلبس في الصيف وفى البلاد الحارة.
__________________
(١) جمع « عرية » ـ بزنة قضية ـ وهى : النخلة يعطيها صاحبها لفقير ، لينتفع بثمرتها إلى سنة ، فتدفعه الحاجة إلى أن يأخذ بثمرتها تمرا قبل أن تحزر ثمرتها. فلا يضر الفضل حينئذ. اه ق.
(٢) زيادة : عن الزاد ( ص ٨٨ ).
(٣) الإبريسم ـ بفتح السين وضمها ـ : الحرير. أو هو معرب!! اه ق.