الحرير منها وإن لم يذهبها. ومن غلظت طباعه وكثفت عن فهم هذا : فليسلم للشارع الحكم. ولهذا كان أصح القولين : أنه يحرم على الولي أن يلبسه الصبى ، لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنيث.
وقد روى النسائي ـ من حديث أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : « إن الله أحل لاناث أمتي الحرير والذهب ، وحرمه على ذكورها » ، وفى لفظ : « حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي ، وأحل لاناثهم ».
وفى صحيح البخاري : عن حذيفة ، قال : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن لبس الحرير والديباج ، وأن يجلس عليه. وقال : هو لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة ».
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم في علاج ذات الجنب
روى الترمذي في جامعه ـ من حديث زيد بن أرقم ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : « تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت (١) ».
ذات (٢) الجنب ـ عند الأطباء ـ نوعان : حقيقي ، وغير حقيقي. فالحقيقي : ورم حار يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للاضلاع. وغير الحقيقي : ألم يشبهه ، يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة مؤذية ، تحتقن بين الصفاقات ، فتحدث وجعا قريبا من وجع ذات الجنب الحقيقي. إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود ، وفى الحقيقي ناخس.
قال صاحب القانون : « قد يعرض في الجنب والصفاقات والعضل ، التي في الصدر والاضلاع ونواحيها ، أورام مؤذية جدا موجعة ، تسمى : شوصة ، وبرساما ، وذات الجنب. وقد تكون أيضا أوجاعا في هذه الأعضاء ، ليست من ورم ولكن من رياح غليظة ، فيظن : أنها من هذه العلة ، ولا تكون. قال : واعلم أن كل وجع في الجنب قد يسمى : ذات الجنب ، اشتقاقا من مكان الألم. لان معنى ذات الجنب : صاحبة الجنب. والغرض به ههنا : وجع الجنب. فإذا عرض في الجنب ألم عن أي سبب كان ، نسب إليه.
__________________
(١) وأخرجه : ابن ماجة ، وأحمد ، والحاكم. اه ق.
(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٩) : « وذات ». وكلاهما صواب.