واشتد الاعراض ، وتمكنت العلل والأدواء المزمنة من القلوب ، وتربى المرضى والأطباء على علاج بنى جنسهم ، وما وصفه (١) لهم شيوخهم ومن يعظمونه ويحسنون به ظنونهم. فعظم
المصاب ، واستحكم الدواء ، وتركبت أمراض وعلل أعيا عليهم علاجها ، وكلما عالجوها بتلك
العلاجات الحادثة : تفاقم أمرها وقويت : ولسان الحال ينادى عليهم :
ومن العجائب ـ والعجائب جمة ـ |
|
قرب الشفاء ، وما إليه وصول |
كالعيس في البيداء : يقتلها الظما |
|
والماء فوق ظهورها محمول |
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم في دفع ضرر الأغذية والفاكهة
وإصلاحها بما يدفع ضررها ، ويقوى نفعها
ئبت في الصحيحين ـ من حديث عبد الله بن جعفر ـ قال : « رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأكل الرطب بالقثاء » (٢).
والرطب حار رطب في الثانية : يقوى المعدة الباردة ويوافقها ، ويزيد في الباه. ولكنه سريع التعفن ، معطش ، معكر للدم مصدع ، مولد للسدد ووجع المثانة ، ومضر بالأسنان. والقثاء بارد رطب في الثانية : مسكن للعطش ، منعش للقوى بشمه : لما فيه من العطرية ، مطفئ لحرارة المعدة الملتهبة. وإذا جفف بزره ودق ، واستحلب بالماء وشرب ـ : سكن العطش ، وأدر البول ، ونفع من وجع المثانة. وإذا دق ونخل ، ودلك به الأسنان : جلاها. وإذا دق ورقه ، وعمل منه ضماد مع الميفختج (٣) : نفع من عضة الكلب الكلب.
وبالجملة : فهذا حار ، وهذا بارد. وفى كل منهما صلاح الآخر ، وإزالة لأكثر ضرره ، ومقاومة كل كيفية بضدها ، ودفع سورتها بالأخرى. وهذا أصل العلاج كله ،
__________________
(١) في الزاد : « وضعه ». وكل صحيح.
(٢) وأخرجه أيضا أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد. اه ق.
(٣) هكذا في الأصل الذي بيدنا (والزاد ص ٩٦). ولا معنى لها. وكأنها محرفة عن « الميخبخ ». قال فيه داود : يراد به أغلوقى ، وهو عقيد العنب إلخ. اه ق