وليف إحدى الطبقات بالطول ، والاخرى بالعرض ، والثالثة بالورب (١). وفم المعدة أكثر عصبا ، وقعرها أكثر لحما. وفى باطنها خمل. وهى محصورة في وسط البطن ، وأميل إلى الجانب الأيمن قليلا. خلقت على هذه الصفة : لحكمة لطيفة من الخالق الحكيم سبحانه. وهى بيت الداء وكانت محلا لهضم الأول. وفيها ينضج الغذاء ، وينحدر منها بعد ذلك إلى الكبد والأمعاء. ويتخلف منه فيها فضلات عجزت القوة الهاضمة عن تمام هضمها : إما لكثرة الغذاء ، أو لرداءته ، أو لسوء ترتيب في استعماله له ، أو لمجموع ذلك. وهذه الأشياء بعضها مما لا يتخلص الانسان منه غالبا ، فتكون المعدة بيت الداء لذلك. وكأنه يشير بذلك : إلى الحث على تقليل الغذاء ، ومنع النفس من اتباع الشهوات ، والتحرز عن الفضلات. وأما العادة : فلانها كالطبيعة للانسان ، ولذلك يقال : العادة طبع ثان. وهى قوة عظيمة في البدن ، حتى إن أمرا واحدا إذا قيس إلى أبدان مختلفة العادات : كان مختلف النسبة إليها ، وإن كانت تلك الأبدان متفقة في الوجوه الأخرى. مثال ذلك : أبدان ثلاثة حارة المزاج في سن الشباب ، أحدها : عود تناول الأشياء الحارة. والثاني : عود تناول (الأشياء الباردة. والثالث : عود تناول) (٢) الأشياء المتوسطة. فإن الأول متى تناول عسلا : لم يضربه. والثاني (٣) متى تناوله : أضربه. والثالث : يضربه قليلا. فالعادة ركن عظيم في حفظ الصحة ، ومعالجة الأمراض. ولذلك جاء العلاج النبوي بإجراء كل بدن على عادته : في استعمال الأغذية والأدوية ، وغير ذلك.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم في تغذية المريض
بألطف ما اعتاده من الأغذية
في الصحيحين (٤) من حديث عروة ، عن عائشة : « أنها كانت إذا مات الميت من
__________________
(١) بالأصل والزاد : « بالوراب ». وهو تحريف. وقد علق ق ، فقال : سبق تفسيره ، والذي رأيناه فيما بين أيدينا من كتب اللغة ، هو « الورب » بدون الألف.
(٢) زيادة متعينة عن الزاد ١٠٢.
(٣) كذا بالزاد وفى الأصل : « الثاني » وهو تحريف.
(٤) بالأصل : « صحيح مسلم ». والنص الآتي موافق في جملته لما في صحيح البخاري ٧ / ٧٥ (بولاق) ، وصحيح مسلم ٧ / ٢٦ (تركيا). وعبارة الزاد : « في الصحيحين ... اجتمع ... إلى أهلهن ، أمرت ببرمه تلبينة ، فطبخت وصنت ثريدا ، ثم صبت التلبينة عليه ، ثم قالت : كلوا .. ».
وانظر صحيح البخاري ٧ / ١٢٤