وأوصى لرجل ولعقبه من تلك الغلة ليس بينه وبينه قرابة بثلاثمائة درهم كل سنة ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأمه ، قال جائز للذي أوصى له بذلك ، قلت : أرأيت إن لم يخرج من غلة الأرض التي وقفها إلا خمسمائة درهم ، فقال : أو ليس في وصيته أن يعطى الذي أوصى له من الغلة بثلاثمائة درهم ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأمه قلت : نعم ، قال : ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم ، ثم لهم ما بقي بعد ذلك ، قلت : أرأيت إن مات الذي أوصى له ، قال : إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها ما بقي أحد منهم (١) فإذا انقطع ورثته ولم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميت (٢) ترد إلى ما يخرج من الوقف ثم يقسم بينهم يتوارثون ذلك ما بقي [ منهم أحد ] وبقيت الغلة ، قلت : فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض إذا احتاجوا إليها ولم يكفهم ما يخرج من الغلة؟ قال : نعم إذا رضوا كلهم وكان البيع خيرا لهم باعوا ». (٣)
__________________
(١) قوله « لورثته » يدل على أن المراد بالعقب الوارث أعم من أن يكون ولدا أو غيره. ( م ت )
(٢) أي يرجع إلى قرابة الميت وقفا بشرائطه لان الميت وقفها واخرج منها شيئا وجعل الباقي بين الورثة ، فإذا انقطع القريب كان لهم ولا يخرج عن الوقف ، ويحتمل عوده إلى الملك. ( م ت )
(٣) يحمل جواز البيع
على بيع تلك الحصة لكنها غير معينة المقدار لاختلافها باختلاف
السنين في القيمة ، ويمكن حمل ما ورد في جواز
البيع على الوقف الذي لم يكن لله تعالى
وما ورد بعدم الجواز على ما نوى القربة فيه وبه
يجمع بين الاخبار ويشهد عليه شواهد منها
( م ت ) وقال استاذنا الشعراني ـ رحمهالله
ـ : الحديث يدل على جواز بيع الوقف عند الحاجة
وكون البيع أنفع ، وأفتى به جماعة من العلماء
كالسيد في الانتصار وابن زهرة في الغنية
وادعى الاجماع عليه ، ولا بأس به في الوقف على
بطن واحد دون من بعدهم وقد توهم دلالة
الحديث على جواز البيع مع كونه أنفع مطلقا وان
لم يكن لأصحاب الوقف حاجة وهذا
توهم فاسد إذ لا يدل الحديث على الجواز مع
الحاجة ، وتمام الكلام في الفقه ـ انتهى
وقال في المسالك : القول بجواز البيع في الجملة
للأكثر ومستنده صحيحة ابن مهزيار ،
ومن فهم هذه الرواية اختلفت أقوال المجوزين
فمنهم من شرط في جواز بيعه حصول الامرين