نفسه شهوتها أصاب رشده ، مع كل شدة رخاء ومع كل اكلة غصص (١) ، لا تنال نعمة إلا بعد أذى ، لن لمن غاظك تظفر بطلبتك ، ساعات الهموم ساعات الكفارات و الساعات تنفد عمرك ، لا خير في لذة بعدها النار ، وما خير بخير بعده النار ، وما شر بشر بعده الجنة ، كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه ، ولا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا على الإساءة إليك أقوى منك على الاحسان إليه.
يا بنى إذا قويت فاقو على طاعة الله عزوجل ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله عزوجل ، وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل (٢) فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فدارها (٣) على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك ، احتمل القضاء بالرضا (٤) وإن أحببت أن تجمع خير الدنيا والآخرة فاقطع طمعك مما في أيدي الناس ، و السلام عليك ورحمة الله وبركاته. هذا آخر وصيته ( عليهالسلام ) لمحمد بن الحنفية.
٥٨٣٥ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، وهشام بن سالم ، ومحمد بن حمران عن الصادق ( عليهالسلام ) قال : « عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع ، عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله عزوجل » حسبنا الله ونعم الوكيل فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : « فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء » (٥).
__________________
(١) الغصص جمع الغصة وهي أن تقع في الحلق فلم تكد تسيغه ، والمراد أن مع كل لذة من لذات الدنيا أفات وبليات.
(٢) أي لا تكلفها ما جاوز نفسها ، أو لا تفوض إليها مهما أمكنك أمورك.
(٣) القهرمان ـ بفتح القاف والراء ـ : الوكيل والأمين والمفوض إليه أمور البيت والدار. وقوله عليهالسلام « فدارها » من المداراة.
(٤) أي ارض عن الله تعالى فيما قدر وقضى لا سيما بالنظر إلى نفسك فإنه تعالى لا يفعل بعباده الا الأصلح. ( م ت )
(٥) آل عمران : ١٧٤.