ما هذا الاحسان؟ فقال : الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجون إليه ، وإن كانا مستغنيين ، إن الله عزوجل يقول : « لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون » (١) ثم قال ( عليهالسلام ) : « إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف » إن أضجراك « ولا تنهرهما » (٢) إن ضرباك « وقل لهما قولا كريما » والقول الكريم أن تقول لهما : غفر الله لكما فذاك منك قول كريم « واخفض لهما جناح الذل من الرحمة » وهو أن لا تملأ عينيك من النظر إليهما وتنظر إليهما برحمة ورأفة ، وأن لا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تتقدم قدامهما.
٥٨٨٤ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال زين العابدين علي بن الحسين ( عليهماالسلام ) : « ألا إن أحبكم إلى الله عزوجل أحسنكم عملا ، وإن أعظمكم عند الله خطا أعظمكم فيما عند الله رغبة ، وإن أنجى الناس من عذاب أشد هم لله خشية ، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقا ، وإن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله ، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم ».
٥٨٨٥ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليهماالسلام ) أنه قال لبعض ولده : « يا بنى إياك أن يراك الله عزوجل في معصية نهاك عنها ، وإياك أن يفقدك الله تعالى عند طاعة أمرك بها ، وعليك بالجد ولا تخرجن نفسك من التقصير في عبادة الله ، فإن الله عزوجل لا يعبد حق عبادته ، وإياك والمزاح (٣) فإنه يذهب بنور إيمانك ويستخف بمروءتك ، وإياك والكسل
__________________
(١) ظاهر الخبر أن المراد بالبر في الآية بر الوالدين ، ويمكن أن يكون المراد أعم منه ويكون ايرادها لشمولها له بعمومها ، وعلى التقديرين الاستشهاد اما لأصل البر أو لان الآية شاملة للانفاق قبل السؤال وحال الغنى لعدم التقييد فيها بالفقر والسؤال. ( المرآة )
(٢) أي لا تزجرهما باغلاظ وصياح وسوء خطاب أورد.
(٣) المزاج ـ بضم الميم ـ : الهزل والمداعبة والمراد كثرته فإنه القليل منه ربما عد من حسن الخلق.