آخرين. والله يعلم من الذي يأتي بعد هؤلاء ويقضي عليهم بمثل ما قضوا به على من كان قبلهم.
والسنن والآداب والرسوم الدائرة في المجتمعات ( أعم من الصحيحة والفاسدة ) ثم المرتحلة عنها لعوامل متفرقة أقواها خيانة أولياؤها وضعف إرادة الأفراد المستنين بها كثيرة يعثر عليها من راجع كتب التواريخ.
فليت شعري ما الفارق بين الإسلام من حيث إنها سنة اجتماعية وبين هذه السنن المتقلبة المتبدلة حيث يقبل العذر فيها ولا يقبل في الإسلام؟ نعم كلمة الحق اليوم واقعة بين قدرة هائلة غربية وجهالة تقليد شرقية فلا سماء تظلها ولا أرض تقلها وعلى أي حال يجب أن يتنبه مما فصلناه أن تأثير سنة من السنن أثرها في الناس وعدمه وكذا بقاؤها بين الناس وارتحالها لا يرتبط كل الارتباط بصحتها وفسادها حتى يستدل عليه بذلك بل لسائر العلل والأسباب تأثير في ذلك فما من سنة من السنن الدائرة بين الناس في جميع الأطوار والعهود إلا وهي تنتج يوما وتعقم آخر وتقيم بين الناس برهة من الزمان وترتحل عنهم في أخرى لعوامل مختلفة تعمل فيها ، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء.
وبالجملة القوانين الإسلامية والأحكام التي فيها ، تخالف بحسب المبنى والمشرب سائر القوانين الاجتماعية الدائرة بين الناس فإن القوانين الاجتماعية التي لهم تختلف باختلاف الأعصار وتتبدل بتبدل المصالح لكن القوانين الإسلامية لا تحتمل الاختلاف والتبدل من واجب أو حرام أو مستحب أو مكروه أو مباح غير أن الأفعال التي للفرد من المجتمع أن يفعلها أو يتركها وكل تصرف له أن يتصرف به أو يدعه فلوالي الأمر أن يأمر الناس بها أو ينهاهم عنها ويتصرف في ذلك كأن المجتمع فرد والوالي نفسه المتفكرة المريدة.
فلو كان للإسلام وال أمكنه أن يمنع الناس عن هذه المظالم التي يرتكبونها باسم تعدد الزوجات وغير ذلك من غير أن يتغير الحكم الإلهي بإباحته ، وإنما هو عزيمة إجرائية عامة لمصلحة نظير عزم الفرد الواحد على ترك تعدد الزوجات لمصلحة يراها لا لتغيير في الحكم بل لأنه حكم إباحي له أن يعزم على تركه.