قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما ) : « البقرة : ٢٦ » ولعل هذا مراد من قال من المفسرين إن قوله : ( إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ) ، كلام على الحقيقة دون المجاز وعلى هذا لا يرد عليه ما أورده بعض المفسرين : أن قوله : ( يَأْكُلُونَ ) أريد به الحال دون الاستقبال بقرينة عطف قوله : ( وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) عليه وهو فعل دخل عليه حرف الاستقبال فلو كان المراد به حقيقة الأكل ـ ووقته يوم القيامة ـ لكان من اللازم أن يقال : سيأكلون في بطونهم نارا ويصلون سعيرا فالحق أن المراد به المعنى المجازي ، وأنهم في أكل مال اليتيم كمن يأكل في بطنه نارا انتهى ملخصا وهو غفلة عن معنى تجسم الأعمال.
وأما قوله : ( وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) فهو إشارة إلى العذاب الأخروي ، والسعير من أسماء نار الآخرة يقال صلى النار يصلاها صلى وصليا أي احترق بها وقاسى عذابها.
(بحث روائي)
في المجمع ، : في قوله تعالى : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ ) الآية : اختلف الناس في هذه الآية على قولين : أحدهما أنها محكمة غير منسوخة ، وهو المروي عن الباقر عليهالسلام.
أقول : وعن تفسير علي بن إبراهيم أنها منسوخة بقوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) الآية ، ولا وجه له ، وقد ظهر في البيان السابق أن الآية بيان كلي لحكم المواريث ولا تنافي بينها وبين سائر آيات الإرث المحكمة حتى يقال بانتساخها بها.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة: في الآية قال : نزلت في أم كلثوم وابنة أم كحلة أو أم كحلة ـ وثعلبة بن أوس وسويد وهم من الأنصار ـ كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت : يا رسول الله ـ توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث من ماله فقال عم ولدها : يا رسول الله لا تركب فرسا ولا تنكي عدوا ـ ويكسب عليها ولا تكتسب ، فنزلت : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ ) الآية.
أقول : وفي بعض الروايات عن ابن عباس أنها نزلت في رجل من الأنصار مات وترك ابنتين فجاء ابنا عمه وهما عصبته فقالت امرأته تزوجا بهما ـ وكان بهما دمامة