وعلى أي حال إذا تركبت الورثة من الذكور والإناث كان لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم إلى أي مبلغ بلغ عددهم.
قوله تعالى : « فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ » ظاهر وقوع هذا الكلام بعد قوله : « لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » إنه على تقدير معطوف عليه محذوف كأنه قيل : هذا إذا كانوا نساء ورجالا فإن كن نساء « إلخ » وهو شائع في الاستعمال ومنه قوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) : « البقرة : ١٩٦ » وقوله : ( أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) : « البقرة : ١٨٤ ».
والضمير في كن راجع إلى الأولاد في قوله : ( فِي أَوْلادِكُمْ ) وتأنيث الضمير لتأنيث الخبر ، والضمير في قوله : ( تَرَكَ ) راجع إلى الميت المعلوم من سياق الكلام.
قوله تعالى : « وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ » الضمير إلى الولد المفهوم من السياق وتأنيثه باعتبار الخبر والمراد بالنصف نصف ما ترك فاللام عوض عن المضاف إليه.
ولم يذكر سهم الأنثيين فإنه مفهوم من قوله : ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) فإن ذكرا وأنثى إذا اجتمعا كان سهم الأنثى الثلث للآية وسهم الذكر الثلثين وهو حظ الأنثيين فحظ الأنثيين الثلثان فهذا المقدار مفهوم من الكلام إجمالا وليس في نفسه متعينا للفهم إذ لا ينافي ما لو كان قيل بعده : وإن كانتا اثنتين فلهما النصف أو الجميع مثلا لكن يعينه السكوت عن ذكر هذا السهم والتصريح الذي في قوله : فإن كن نساء فوق اثنتين ، فإنه يشعر بالتعمد في ترك ذكر حظ الأنثيين.
على أن كون حظهما الثلثين هو الذي عمل به النبي صلىاللهعليهوآله وجرى العمل عليه منذ عهده صلىاللهعليهوآله إلى عهدنا بين علماء الأمة سوى ما نقل من الخلاف عن ابن عباس.
وهذا أحسن الوجوه في توجيه ترك التصريح بسهم الأنثيين ، قال الكليني رحمه الله في الكافي : إن الله جعل حظ الأنثيين الثلثين بقوله : ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) ، وذلك أنه إذا ترك الرجل بنتا وابنا فللذكر مثل حظ الأنثيين وهو الثلثان فحظ الأنثيين الثلثان ، واكتفى بهذا البيان أن يكون ذكر الأنثيين بالثلثين ، انتهى ، ونقل مثله عن