وفيه ، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ، ولا الضعفاء من الغلمان ، لا يرث الرجل من والده إلا من أطاق القتال ـ فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر ، وترك امرأة له يقال لها : أم كحة ـ وترك خمس جوار فجاءت الورثة فأخذوا ماله ـ فشكت أم كحة ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوآله ـ فأنزل الله هذه الآية : ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ـ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) ثم قال في أم كحة : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ـ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ ).
وفيه ، أيضا عنهما عن ابن عباس قال: لما نزلت آية الفرائض ـ التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين ـ كرهها الناس أو بعضهم وقالوا : تعطى المرأة الربع أو الثمن ، وتعطى الابنة النصف ، ويعطى الغلام الصغير ، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ، ولا يحوز الغنيمة ، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ـ لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم ويعطونه الأكبر فالأكبر.
أقول : وكان منه التعصيب وهو إعطاء الميراث عصبة الأب إذا لم يترك الميت ابنا كبيرا يطيق القتال ، وقد عمل به أهل السنة في الزائد على الفريضة فيما إذا لم يستوعب السهام التركة ، وربما وجد شيء من ذلك في رواياتهم لكن وردت الروايات من طرق أهل البيت عليهالسلام بنفي التعصيب ، وأن الزائد على الفرائض يرد على من ورد عليه النقص وهم الأولاد والإخوة من الأبوين أو الأب ، وإلى الأب في بعض الصور ، والذي يستفاد من الآيات يوافق ذلك على ما مر.
وفيه ، أخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: أول من أعال الفرائض عمر تدافعت عليه وركب بعضها بعضا ـ قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم؟ والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر؟ وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص! ثم قال ابن عباس : وأيم الله ـ لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة ، فقيل له : وأيها قدم الله؟ قال : كل فريضة لم يهبطها الله من فريضة إلا إلى فريضة ـ فهذا ما قدم الله ، وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي ـ فتلك التي أخر الله فالذي قدم كالزوجين والأم ، والذي أخر كالأخوات والبنات ـ فإذا اجتمع من قدم الله وأخر بدئ بمن قدم فأعطي حقه كاملا ـ فإن بقي شيء كان