وبالجملة فالقوانين الحديثة الدائرة بين الملل الغربية وإن اختلفت في بعض الخصوصيات غير أنها كالمطبقة على تساوي الرجال والنساء في سهم الإرث فالبنات والبنون سواء ، والأمهات والآباء سواء في السهام وهكذا.
وقد رتبت الطبقات في قانون فرنسا على هذا النحو : (١) البنون والبنات (٢) الآباء والأمهات والإخوة والأخوات (٣) الأجداد والجدات (٤) الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، وقد أخرجوا علقة الزوجية من هذه الطبقات وبنوها على أساس المحبة والعلقة القلبية ولا يهمنا التعرض لتفاصيل ذلك وتفاصيل الحال في سائر الطبقات من أرادها فليرجع إلى محلها.
والذي يهمنا هو التأمل في نتيجة هذه السنة الجارية وهي اشتراك المرأة مع الرجل في ثروة الدنيا الموجودة بحسب النظر العام الذي تقدم غير أنهم جعلوا الزوجة تحت قيمومة الزوج لا حق لها في تصرف مالي في شيء من أموالها الموروثة إلا بإذن زوجها ، وعاد بذلك المال منصفا بين الرجل والمرأة ملكا ، وتحت ولاية الرجل تدبيرا وإدارة! وهناك جمعيات منتهضة يبذلون مساعيهم لإعطاء النساء الاستقلال وإخراجهن من تحت قيمومة الرجال في أموالهن ولو وفقوا لما يريدون كانت الرجال والنساء متساويين من حيث الملك ومن حيث ولاية التدبير والتصرف.
٧ ـ مقايسة هذه السنن بعضها إلى بعض : ونحن بعد ما قدمنا خلاصة السنن الجارية بين الأمم الماضية وقرونها الخالية إلى الباحث الناقد نحيل إليه قياس بعضها إلى البعض والقضاء على كل منها بالتمام والنقص ونفعه للمجتمع الإنساني وضرره من حيث وقوعه في صراط السعادة ثم قياس ما سنه شارع الإسلام إليها والقضاء بما يجب أن يقضى به.
والفرق الجوهري بين السنة الإسلامية والسنن غيرها في الغاية والغرض ، فغرض الإسلام أن تنال الدنيا صلاحها ، وغرض غيره أن تنال ما تشتهيها ، وعلى هذين الأصلين يتفرع ما يتفرع من الروع قال تعالى : ( وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) : « البقرة : ٢١٦ » ، وقال تعالى : ( وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) : « النساء : ١٩ ».