به معرفة ، وقهره كل فهم وإدراك ؛ فإن كل من يتعلق بنفسه معرفتنا هو في نفسه غير نفسنا ومعرفتنا ثم يتعلق به معرفتنا ، لكنه تعالى محيط بنا وبمعرفتنا ، قيم على ذلك فلا معصم تعتصم به أنفسنا ولا معرفتنا عن إحاطة ذاته وشمول سلطانه حتى يتعلق به تعلق منعزل بمنعزل.
وبين عليهالسلام ذلك بقوله : « هو الدال بالدليل عليه والمؤدي بالمعرفة إليه » أي أنه تعالى هو الدليل يدل الدليل على أن يدل عليه ، ويؤدي المعرفة إلى أن يتعلق به تعالى نوع تعلق لمكان إحاطته تعالى وسلطانه على كل شيء ، فكيف يمكن لشيء أن يهتدي إلى ذاته ليحيط به وهو محيط به وباهتدائه؟.
وفي المعاني ، بإسناده عن عمر بن علي عن علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « التوحيد ظاهره في باطنه ، وباطنه في ظاهره ، ظاهره موصوف لا يرى ، وباطنه موجود لا يخفى ، يطلب بكل مكان ، ولم يخل عنه مكان طرفة عين ، حاضر غير محدود ، وغائب غير مفقود ».
أقول : كلامه صلىاللهعليهوآله مسوق لبيان وحدته تعالى غير العددية المبنية على كونه تعالى غير محدود بحد ، فإن عدم المحدودية هو الموجب لعدم انعزال ظاهر توحيده وتوصيفه تعالى عن باطنه ، وباطنه عن ظاهره فإن الظاهر والباطن إنما يتفاوتان وينعزل كل منهما عن الآخر بالحد فإذا ارتفع الحد اختلطا واتحدا.
وكذلك الظاهر الموصوف إنما يحاط به ، والباطن الموجود إنما يخفى ويتحجب إذا تحددا فلم يتجاوز كل منهما حده المضروب له ، وكذلك الحاضر إنما يكون محدودا مجموعا وجوده عند من حضر عنده ، والغائب يكون مفقودا لمكان المحدودية ، ولو لا ذلك لم يجتمع الحاضر بتمام وجوده عند من حضر عنده ، ولم يستر الغائب حجاب الغيبة ولا ساتر دونه عمن غاب عنه ، وهو ظاهر.
(بحث تاريخي)
القول بأن للعالم صانعا ثم القول بأنه واحد من أقدم المسائل الدائرة بين متفكري هذا النوع تهديه إليه فطرته المركوزة فيه ، حتى أن الوثنية المبنية على الإشراك ، إذا