وعمدتهم في ذلك طوائف ثلاث : العدو المحارب ، والأولاد الضعفاء بالنسبة إلى آبائهم وكذا النساء بالنسبة إلى أوليائهن ، والمغلوب المستبذل بالنسبة إلى الغالب المتعزز.
٣ ـ سير الاستعباد في التاريخ : سنة الاستعباد وإن كانت مجهولة من حيث تاريخ شيوعها في المجتمع الإنساني غير أن الأشبه أن يكون أرقاء مأخوذين في أول الأمر بالقتال والتغلب ثم يلحق به الأولاد والنساء ، ولذلك نعثر في تاريخ الأمم القوية الحربية من القصص والحكايات وكذا القوانين والأحكام المربوطة بالاسترقاق بالسبي على ما لا يوجد في غيرهم.
وقد كان دائرا بين الأمم المتمدنة القديمة كالهند واليونان والرومان وإيران ، وبين المليين كاليهود والنصارى على ما يستفاد من التوراة والإنجيل حتى ظهر الإسلام فأنفذ أصله مع تضييق في دائرته وإصلاح لأحكامه المقررة ، ثم آل الأمر إلى أن قرر مؤتمر بروسل إلغاء الاستعباد قبل سبعين سنة تقريبا.
قال « فردينان توتل » في معجمه (١) لأعلام الشرق والغرب : كان الرق شائعا عند الأقدمين ، وكان الرقيق يؤخذ من أسرى وسبايا الحرب ومن الشعوب المغلوبة ، كان للرق نظام معروف عند اليهود واليونان والرومان والعرب في الجاهلية والإسلام.
وقد ألغي نظام الرق تدريجا : في الهند سنة (١٨٤٣) وفي المستعمرات الإفرنسية سنة (١٨٤٨) وفي الولايات المتحدة بعد حرب الانفصال سنة (١٨٦٥) وفي البرازيل سنة (١٨٨٨) إلى أن اتخذ مؤتمر بروسل قرارا بإلغاء الاستعباد سنة (١٨٩٠) غير أنه لا يزال موجودا فعلا بين بعض القبائل في إفريقيا وآسيا.
ومبدأ إلغاء الرق هو تساوي البشر بالحقوق والواجبات ، انتهى.
٤ ـ ما الذي رآه الإسلام في ذلك؟ قسم الإسلام الاستعباد بحسب أسبابه ، وقد تقدم أن عمدتها كانت ثلاثة : الحرب ، والتغلب والولاية كالأبوة ونحوها فألغى سببين من الثلاثة من أصله وهما التغلب والولاية.
فاعتبر احترام الناس شرعا سواء من ملك ورعية وحاكم ومحكوم وأمير وجندي
__________________
(١) ص ٢١٩.