تذب عن النفوس والذراري وتقيهم من الفناء والهلاك ، وولي يلي أمرهم ويحفظ السنة الجارية والعادات الدائرة المحترمة بينهم من الانتقاض ببسط الأمن الاجتماعي ، وسياسة المتعدي الجائر ، والموجود من التاريخ يصدق ذلك أيضا.
وإذا كان كذلك فأول حق مشروع للمجتمع في شريعة الفطرة أن يسلب الحرية عن عدو المجتمع في أصل اجتماعه ، وإن شئت فقل : أن يملك من عدوه المبيد لحياته المفسد لحرثه ونسله نفسه وعمله ويذهب بحرية إرادته بما يشاء من قتل فما دونه ، وأن يسلب عن عدو السنة والقانون حرية العمل والاسترسال في النقض ، ويملك منه ما يفقده بالمجازاة من نفس أو مال أو غيرهما.
وكيف يسع الإنسان ـ حتى الإنسان الفرد ـ أن يذعن بحرية عدو لا لحياة مجتمعة يحترم فيؤاخيه ويشاركه ويمتزج به ، ولا عن إبادة مجتمعة وإفنائه يغمض فيتركهم وشأنهم؟ وهل الجمع بين العناية الفطرية بالاجتماع وبين ترك هذا العدو وحريته في العمل إلا جمعا بين المتناقضين صريحا وسفها أو جنونا؟.
فتبين مما مر أولا : أن البناء على إطلاق حرية الإنسان أمر مخالف لصريح الحق الفطري المشروع للإنسان الذي هو من أول الحقوق الفطرية المشروعة.
وثانيا : أن حق الاستعباد الذي اعتبره الإسلام هو المطابق لشريعة الفطرة ، وهو أن يستعبد أعداء الدين الحق المحاربين للمجتمع الإسلامي فيسلب عنهم حرية العمل ، ويجلبوا إلى داخل المجتمع الديني ويكلفوا بأن يعيشوا في زي العبودية حتى يتربوا بالتربية الصالحة الدينية ، وينعتقوا تدريجا ، ويلتحقوا بالمجتمع الحر سالمين غانمين ، ولولي الأمر أن يشتريهم ويعتقهم عن آخرهم إن رأى صلاح المجتمع الديني في ذلك ، أو يسلك في ذلك طريقا آخر لا ينتسخ بذلك الأحكام الإلهية.
١٠ ـ إلى م آل أمر الإلغاء؟ : أجرت الدول المعظمة قرار مؤتمر بروسل ومنعوا بيع الرقيق أشد المنع وانعتقت الإماء والعبيد فلا يصطفون اليوم في دكاك النخاسين ولا يساقون سوق الأغنام ، وتبع ذلك أن انتسخ اتخاذ الخصيان ، ولا يكاد يوجد اليوم من هؤلاء وأولئك ولو نماذج قليلة إلا ما ربما يذكر من أمر الأقوام الهمجية.