طلوعها ، وأحيانا تتبعها فتظهر بعد غروب الشمس في أفق المغرب ثم لا تلبث إلا قليلا في أول الليل دون أن تغيب ، وإذا كانت على هذا الوضع والليلة من ليالي النصف الأخير من الشهر القمري كليلة ثماني عشرة وتسع عشرة والعشرين فإنها تجامع بغروبها طلوع القمر فترى أن الشمس تغرب فتظهر الزهرة في الأفق الغربي ثم تغرب بعد ساعة أو ساعتين مضتا من غروب الشمس ثم يطلع القمر عند ذلك أو بعد ذلك بيسير.
وهذه الخصوصية من بينها إنما هي للزهرة بحسب نظام سيرها وفي غيرها كالمشتري والمريخ وزحل أمر اتفاقي ربما يقع في أوضاع خاصة لا يسبق إلى الذهن فيشبه من هنا أن الكوكب كان هو الزهرة.
على أن الزهرة أجمل الكواكب الدرية وأبهجها وأضوؤها أول ما يجلب نظر الناظر إلى السماء بعد جن الليل وعكوف الظلام على الآفاق يجلب إليها.
وهذا أحسن ما يمكن أن تنطبق عليه الآية بحسب ما يتسابق إلى الذهن من قوله : ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ ) ـ إلى أن قال ـ ( فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً ) « إلخ » حيث وصل ظاهرا بين أفول الكوكب وبزوغ القمر.
ويتأيد هذا الذي ذكرناه بما ورد في بعض الروايات عن أئمة أهل البيت عليهالسلام أن الكوكب كان هو الزهرة.
وعلى هذا فقد كان عليهالسلام رأى الزهرة والقوم يتنسكون بواجب عبادتها من خضوع وصلاة وقربان ، وكانت الزهرة وقتئذ تتلو الشمس في غروبها ، والليلة من ليالي النصف الأخير من الشهر القمري جن عليه الليل فرأى الزهرة في الأفق الغربي حتى أفلت فرأى القمر بازغا بعده.
وقوله تعالى : « قالَ هذا رَبِّي » المراد بالرب هو مالك الأشياء المربوبين ، المدبر لأمرهم لا الذي فطر السماوات والأرض وأوجد كل شيء بعد ما لم يكن موجودا فإنه الله سبحانه الذي ليس بجسم ولا جسماني ولا يحويه مكان ولا يقع عليه إشارة ، والذي يظهر مما حكي من كلام إبراهيم مع قومه في أمر الأصنام ظهورا لا شك فيه أنه كان على بينة من ربه وله من العلم بالله وآياته ما لا يخفى عليه معه أن الله سبحانه أنزه ساحة من التجسم والتمثل والمحدودية ، قال تعالى حكاية عنه في محاورة له مع أبيه : « يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ