ملة الصابئين فاتبعه خلق كثير ، وكانت الملوك البيشدادية وبعض الكيانية ممن كان يستوطن بلخ يعظمون النيرين والكواكب وكليات العناصر إلى وقت ظهور زراتشت عند مضي ثلاثين سنة من ملك بشتاسف.
وساق الكلام إلى أن قال : وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه ويقولون بحياتها ونطقها وسمعها وبصرها ، ويعظمون الأنوار ، ومن آثارهم القبة التي فوق المحراب عند المقصورة من جامع دمشق كان مصلاهم ، وكان اليونانيون والروم على دينهم ، ثم صارت في أيدي اليهود فعملوها كنيستهم ، ثم تغلب عليها النصارى فصيروها بيعة إلى أن جاء الإسلام وأهله فاتخذوها مسجدا.
وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال كما ذكرها أبو معشر البلخي في كتابه في بيوت العبادات مثل هيكل بعلبك كان لصنم الشمس ، وقران فإنها منسوبة إلى القمر وبناؤها على صورته كالطيلسان ، وبقربها قرية تسمى سلمسين واسمها القديم : صنم سين أي صنم القمر : وقرية أخرى تسمى ترع عوز أي باب الزهرة.
ويذكرون أن الكعبة وأصنامها كانت لهم ، وعبدتها كانوا من جملتهم وأن اللات كان باسم زحل ، والعزى باسم الزهرة ، انتهى.
وذكر المسعودي أن مذهب الصابئة كان نوعا من التحول والتكامل في دين الوثنية وأن الصبوة ربما كانت تتحول إلى الوثنية لتقارب مأخذيهما ، وأن الوثنية ربما كانوا يعبدون أصنام الشمس والقمر والزهرة وسائر الكواكب تقربا بها إلى آلهتها ثم إلى إله الآلهة.
قال في مروج الذهب : ، كان كثير من أهل الهند والصين وغيرهم من الطوائف يعتقدون أن الله عز وجل جسم ، وأن الملائكة أجسام لها أقدار وأن الله تعالى وملائكته احتجبوا بالسماء ، فدعاهم ذلك إلى أن اتخذوا تماثيل وأصناما على صورة الباري عز وجل وبعضها على صورة الملائكة مختلفة القدود والأشكال ، ومنها على صورة الإنسان وعلى خلافها من الصور يعبدونها ، وقربوا لها القرابين ، ونذروا لها النذور لشبهها عندهم بالباري تعالى وقربها منه.
فأقاموا على ذلك برهة من الزمان وجملة من الأعصار حتى نبههم بعض حكمائهم على أن الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام المرئية إلى الله تعالى وأنها حية ناطقة ، وأن