النار ودعا الناس إلى تعظيمها ، وقال : إنها تشبه ضوء الشمس والكواكب لأن النور عنده أفضل من الظلمة ، وجعل للنور مراتب. ثم تنازع هؤلاء بعده فعظم كل فريق منهم ما يرون تعظيمه من الأشياء تقربا إلى الله بذلك.
ثم ذكر المسعودي البيوت المعظمة عندهم وهي سبعة الكعبة البيت الحرام باسم زحل ، وبيت على جبل مارس بأصفهان ، وبيت مندوسان ببلاد الهند ، وبيت نوبهار بمدينة بلخ على اسم القمر ، وبيت غمدان بمدينة صنعاء من بلاد اليمن على اسم الزهرة ، وبيت كاوسان بمدينة فرغانة على اسم الشمس ، وبيت بأعالي بلاد الصين على اسم العلة الأولى.
واليونان والروم القديم والصقالبة بيوت معظمة بعضهما مبنية على اسم الكواكب كالبيت الذي بتونس للروم الذي على اسم الزهرة.
ثم ذكر المسعودي أن للصابئين من الحرانيين (١) هياكل على أسماء الجواهر العقلية والكواكب فمن ذلك هيكل العلة الأولى ، وهيكل العقل. قال : ومن هياكل الصابئة هيكل السلسلة ، وهيكل الصورة وهيكل النفس وهذه مدورات الشكل ، وهيكل زحل مسدس ، وهيكل المشتري مثلث ، وهيكل المريخ مربع مستطيل ، وهيكل الشمس مربع ، وهيكل عطارد مثلث الشكل ، وهيكل الزهرة مثلث في جوف مربع مستطيل ، وهيكل القمر مثمن الشكل ، وللصابئة فيما ذكرنا رموز وأسرار يخفونها ، انتهى. وقريب منه ما في الملل والنحل ، للشهرستاني.
وقد تبين مما نقلناه أولا : أن الوثنية كما كانت تعبد أصناما للآلهة وأرباب الأنواع كذلك كانت تعبد أصنام الكواكب والشمس والقمر ، وكانت عندهم هياكل على أسمائها ، ومن الممكن أن يكون حجاج إبراهيم عليهالسلام في أمر الكواكب والقمر والشمس ، مع الوثنية العابدين لها المتقربين بها دون الصابئة كما يمكن أن يكون مع بعض الصابئين في مدينة بابل أو بلدة أور أو كوثاريا على ما في بعض الروايات المنقولة سالفا.
على أن ظاهر ما يقصه القرآن الكريم : أن إبراهيم عليهالسلام حاج أباه وقومه وتحمل أذاهم في الله حتى اعتزلهم وهجرهم بالمهاجرة من أرضهم إلى الأرض المقدسة من غير أن يتغرب من أرضهم إلى حران أولا ثم من حران إلى الأرض المقدسة ، والذي ضبطه كتب
__________________
(١) يطلق الحرانيون على الصابئين مطلقا لاشتهار حران بهذا الدين.