الزمخشري ، وقيل : إنه معطوف على قوله : « مُبارَكٌ » والتقدير : أنزلناه لتنذر أم القرى ومن حولها.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ » إلخ ، كأنه تفريع لما عده الله سبحانه من أوصاف هذا الكتاب الذي أنزله أي لما كان هذا الكتاب الذي أنزلناه مباركا ومصدقا لما بين يديه نازلا لغاية إنذار أهل الأرض فالمؤمنون بالآخرة يؤمنون به لأنه يدعو إلى أمن أخروي دائم ويحذرهم من عذاب خالد.
ثم عرف تعالى هؤلاء المؤمنين بالآخرة بما هو من أخص صفات المؤمنين وهو أنهم على صلاتهم وهي عبادتهم التي يذكرون فيها ربهم يحافظون ، وهذه هي الصفة التي ختم الله به صفات المؤمنين التي وصفهم بها في أول سورة المؤمنين إذ قال : « الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ » : ( المؤمنون : ٩ ) كما بدأ بمعناها في أولها فقال « الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ » : ( المؤمنون : ٢ ).
وهذا هو الذي يؤيد أن المراد بالمحافظة في هذه الآية هو الخشوع في الصلاة وهو نحو تذلل وتأثر باطني عن العظمة الإلهية عند الانتصاب في مقام العبودية لكن المعروف من تفسيره أن المراد بالمحافظة على الصلاة المحافظة على وقتها.
( كلام في معنى البركة في القرآن )
ذكر الراغب في المفردات ، : أن أصل البرك ـ بفتح الباء ـ صدر البعير وإن استعمل في غيره ويقال له بركة ـ بكسر الباء ـ وبرك البعير ألقى ركبه ، واعتبر منه معنى الملزوم فقيل : ابتركوا في الحرب أي ثبتوا ولازموا موضع الحرب ، وبراكاء الحرب وبروكاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال ، وابتركت الدابة وقفت وقوفا كالبروك ، وسمي محبس الماء بركة ، والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء ، قال تعالى : ( لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ) ، وسمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة ، والمبارك ما فيه ذلك الخير ، على ذلك : ( هذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ ).
قال : ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة : هو مبارك وفيه بركة ، وإلى هذه