التدريج ، ويؤيد هذا المعنى أيضا ما تقدم من قوله تعالى : « وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها » كما لا يخفى أي يعلم ما استقر منها في الأرض بفعلية التكون « وما هو في طريق التكون مما لم يتكون بالفعل ولم يستقر في الأرض.
فالمعنى : وهو الذي أوجدكم معشر الأناسي من نفس واحدة وعمر بكم الأرض إلى حين فهي مشغولة بكم ما لم تنقرضوا فلا يزال بعضكم مستقرا فيها وبعضكم مستودع في الأصلاب والأرحام أو في الأصلاب فقط في طريق الاستقرار فيها.
وقد أورد المفسرون في الآية معاني أخر كقول بعضهم : إن المراد من إنشائهم من نفس واحدة خلقهم من نوع واحد من النفس وهو النفس الإنسانية « أو إن المراد هو الإنشاء من نوع واحد من التركيب النفسي والبدني ، وهو الحقيقة الإنسانية المؤلفة من نفس وبدن إنسانيين.
وكقول بعضهم : إن المراد بالمستقر الأرحام وبالمستودع الأصلاب وقول بعض آخر : إن المستقر الأرض والمستودع القبر ، وقول بعض آخر : إن المستقر هو الرحم والمستودع الأرض أو القبر ، وقول بعض آخر : إن المستقر هو الروح والمستودع هو البدن ، إلى غير ذلك من أقاويلهم التي لا كثير جدوى في التعرض لها.
قوله تعالى : « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً » إلى آخر الآية. السماء هي جهة العلو فكلما علاك وأظلك فهو سماء ، والمراد بقوله : « فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ » على ما قيل ، فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء النبات والنمو الذي في كل شيء نام له قوة النبات من الكمون إلى البروز ، أي أنبتنا به كل شيء نباتي كالنجم والشجر والإنسان وسائر الحيوان.
والخضر هو الأخضر وكأنه مخفف الخاضر ، وتراكب الحب انعقاد بعضه فوق بعض كما في السنبلة ، والطلع أول ما يبدو من ثمر النخل ، والقنوان جمع قنو وهو العذق بالكسر وهو من التمر كالعنقود من العنب ، والدانية أي القريبة ، والمشتبه وغير المتشابه المشاكل وغير المشاكل في النوع والشكل وغيرهما. وينع الثمر نضجه.
وقد ذكر الله سبحانه أمورا مما خلقه لينظر فيها من له نظر وبصيرة فيهتدي