السفينة ـ فلم يلتفت الابن إلى قوله وحال بينهما الموج فكان من المغرقين.
ولم يكن نوح عليهالسلام يعلم منه إبطان الكفر كما كان يعلم ذلك من امرأته ولو كان علم ذلك لم يحزنه أمره وهو القائل في دعائه : « رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً » الدعاء نوح ـ ٢٧ وهو القائل : « فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » الشعراء : ـ ١١٨ وقد سمع قوله تعالى فيما أوحى إليه : « وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ » هود : ـ ٣٧.
فوجد نوح عليهالسلام وحزن فنادى ربه من وجده قائلا : رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وعدتني بإنجاء أهلي وأنت أحكم الحاكمين لا تجور في حكمك ولا تجهل في قضائك ، فما الذي جرى على ابني؟ فأخذته العناية الإلهية وحالت بينه وبين أن يصرح بالسؤال في نجاة ابنه ـ وهو سؤال لما ليس له به علم ـ وأوحى الله إليه : يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فإياك أن تواجهني فيه بسؤال النجاة فيكون سؤالا فيما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
فانكشف الأمر لنوح عليهالسلام والتجأ إلى ربه تعالى قائلا رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم أسألك أن تشملني بعنايتك وتستر علي بمغفرتك ، وتعطف علي برحمتك ، ولو لا ذلك لكنت من الخاسرين.
٣ ـ خصائص نوح عليهالسلام : هو عليهالسلام أول أولي العزم سادة الأنبياء أرسله الله إلى عامة البشر بكتاب وشريعة فكتابه أول الكتب السماوية المشتملة على شرائع الله ، وشريعته أول الشرائع الإلهية.
وهو عليهالسلام الأب الثاني للنسل الحاضر من الإنسان إليه ينتهي أنسابهم والجميع ذريته لقوله تعالى : ( وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ) : الصافات : ـ ٧٧ وهو عليهالسلام أبو الأنبياء المذكورين في القرآن ما عدا آدم وإدريس عليهالسلام قال تعالى : « وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ » الصافات : ـ ٧٨.
وهو عليهالسلام أول من فتح باب التشريع وأتى بكتاب وشريعة وكلم الناس