وقد (١) وقع في « أوستا » وهو كتاب المجوس المقدس أن « أهورا مزدا » أوحى إلى « إيما » ( وتعتقد المجوس أنه جمشيد الملك ) أنه سيقع طوفان يغرق الأرض ، وأمره أن يبني حائطا مرتفعا غايته يحفظ من في داخله من الغرق ، وأن يجمع في داخله جماعة من الرجال والنساء صالحة للنسل ، ويدخل فيه من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين اثنين ، ويبني في داخل السور بيوتا وقبابا في طبقات مختلفة يسكنها الناس المجتمعون هناك ويأوي إليها الدواب والطيور ، وأن يغرس في داخله ما ينفع في حياة الناس من الأشجار المثمرة ، ويحرث ما يرتزق به الناس من الحبوب الكريمة فيحتفظ بذلك ما به حياة الدنيا وعمارتها.
وفي تاريخ الأدب الهندي (٢) في قصة الطوفان : أنه بينما كان « مانو » ( هو ابن الإله عند الوثنيين ) يغسل يديه إذ جاءت في يده سمكة ، ومما اندهش به أن السمكة كلمته وطلبت إنقاذها من الهلاك ووعدته جزاء عليه أنها ستنقذ « مانو » في المستقبل من خطر عظيم ، والخطر العظيم المحدق الذي أنبأت به السمكة كان طوفانا سيجرف جميع المخلوقات وعلى ذلك حفظ « مانو » السمكة في المرتبان.
فلما كبرت أخبرت « مانو » عن السنة التي سيأتي فيها الطوفان ثم أشارت على مانو أن يصنع سفينة كبيرة ويدخل فيها عند طوفان الماء قائلة : أنا أنقذك من الطوفان ، فمانو صنع السفينة والسمكة كبرت أكثر من سعة المرتبان لذلك ألقاها في البحر.
ثم جاء الطوفان كما أنبأت السمكة ، وحين دخل « مانو » السفينة عامت السمكة إليه فربط السفينة بقرن على رأسها فجرتها إلى الجبال الشمالية ، وهنا ربط مانو السفينة بشجرة ، وعند ما تراجع الماء وجف بقي مانو وحده. انتهى.
٦ ـ هل كانت نبوته ع عامة للبشر؟ مسألة اختلفت فيها آراء العلماء. فالمعروف عند الشيعة عموم رسالته ، وقد ورد من طرق أهل البيت (ع)
__________________
(١) ترجمة كتاب أوستا بالفرنسية المطبوعة بباريس.
(٢) على ما في قصص الأنبياء لعبد الوهاب النجار.