وأنه دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله سبحانه ، وقد استبعده بعض الباحثين لما أن الأعمار الإنسانية لا تتجاوز في الأغلب المائة أو المائة والعشرين سنة حتى ذكر بعضهم أن القدماء كانوا يعدون كل شهر من الشهور سنة فالألف سنة إلا خمسين عاما يعدل ثمانين سنة إلا عشرة شهور. وهو بعيد غايته.
وذكر بعضهم أن طول عمره عليهالسلام كان كرامة له خارقة للعادة ، قال الثعلبي في قصص الأنبياء في خصائصه عليهالسلام : وكان أطول الأنبياء عمرا وقيل له أكبر الأنبياء وشيخ المرسلين ، وجعل معجزته في نفسه لأنه عمر ألف سنة ولم ينقص له سن ولم تنقص له قوة. انتهى.
والحق أنه لم يقم حتى الآن دليل على امتناع أن يعمر الإنسان مثل هذه الأعمار بل الأقرب في الاعتبار أن يعمر البشر الأولي بأزيد من الأعمار الطبيعية اليوم بكثير لما كان لهم من بساطة العيش وقلة الهموم وقلة الأمراض المسلطة علينا اليوم وغير ذلك من الأسباب الهادمة للحياة ، ونحن كلما وجدنا معمرا عمر مائة وعشرين إلى مائة وستين وجدناه بسيط العيش قليل الهم ساذج الفهم فليس من البعيد أن يرتقي بعض الأعمار في السابقين إلى مئات من السنين.
على أن الاعتراض على كتاب الله في مثل عمر نوح عليهالسلام وهو يذكر من معجزات الأنبياء الخارقة للعادة شيئا كثيرا لعجيب. وقد تقدم كلام في المعجزة في الجزء الأول من الكتاب.
٩ ـ أين هو جبل الجودي : ذكروا أنه بديار بكر من موصل في جبال تتصل بجبال أرمينية ، وقد سماه في التوراة آراراط. قال في القاموس : والجودي جبل بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح عليهالسلام ، ويسمى في التوراة « آراراط » انتهى ، وقال في مراصد الاطلاع ، : الجودي مشددة جبل مطل على جزيرة ابن عمر في شرقي دجلة من أعمال الموصل استوت عليه سفينة نوح لما نضب الماء.
١٠ ـ ربما قيل : هب أنه أغرق قوم نوح بذنبهم فما هو ذنب سائر الحيوان الذي على الأرض حيث هلكت بطاغية المياه؟ وهذا من أسقط الاعتراض فما كل هلاك ولو كان عاما عقوبة وانتقاما ، والحوادث العامة التي تهلك الألوف ثم الألوف