مثل الزلازل والطوفانات والوباء والطاعون كثير الوقوع في الدهر ، ولله فيما يقضي حكم.
( كلام في عبادة الأصنام في فصول )
١ ـ الإنسان واطمئنانه إلى الحس : الإنسان يجري في حياته الاجتماعية على اعتبار قانون العلية والمعلولية الكلي وسائر القوانين الكلية التي أخذها من هذا النظام العام المشهود ، وهو على خلاف ما نشاهده من أعمال سائر الحيوان وأفعاله يجري في التفكر والاستدلال أعني القياس والاستنتاج إلى غايات بعيدة.
وهو مع ذلك لا يستقر في فحصه وبحثه على قرار دون أن يحكم في علة هذا العالم المشهود الذي هو أحد أجزائه بشيء من الإثبات والنفي لما يرى أن سعادة حياته التي لا بغية عنده أحب منها تختلف على تقديري إثبات هذه العلة الفاعلة المسماة بالإله عز اسمه ونفيه اختلافا جوهريا فمن البين أن لا مضاهاة بين حياة الإنسان المتأله الذي يثبت للعالم إلها حيا عليما قديرا لا مناص عن الخضوع لعظمته وكبريائه والجري على ما يحبه ويرضاه ، وبين حياة الإنسان الذي يرى العالم سدى لا مبدأ له ولا غاية ، وليس فيه للإنسان إلا الحياة المحدودة التي تفنى بالموت وتبطل بالفوت ، ولا موقف للإنسانية فيه إلا ما للحيوان العجم من موقف الشهوة والغضب وبغية البطن والفرج.
فهذه نزعة فكرية أولى للإنسان إلى الحكم بأنه : هل للوجود من إله؟ وتتلوه نزعة ثانية وهي القضاء الفطري بالإثبات ، والحكم بأن للعالم إلها خلق كل شيء بقدرته وأجرى النظام العام بربوبيته فهدى كل شيء إلى غايته وكمال وجوده بمشيته وسيعود كل إلى ربه كما بدئ. هذا.
ثم إن مزاولة الإنسان للحس والمحسوس مدى حياته وانكبابه على المادة وإخلاده إلى الأرض عوده أن يمثل كل ما يعقله ويتصوره تمثيلا حسيا وإن كان مما لا طريق للحس والخيال إليه البتة كالكليات والحقائق المنزهة عن المادة على أن الإنسان إنما ينتقل إلى المعقولات من طريق الإحساس والتخيل فهو أنيس الحس