الأوصاف والنعوت التي يصفها بها كما يمثل الثالوث بإنسان ذو وجوه ثلاثة كأن كلا من النعوت العامة وجه للرب يواجه به خلقه.
٢ ـ الإقبال إلى الله بالعبادة : إذا قضى الإنسان أن للعالم إلها خلقه بعلمه وقدرته لم يكن له بد من أن يخضع له خضوع عبادة اتباعا للناموس العالم الكوني وهو خضوع الضعيف للقوي ومطاوعة العاجز للقادر ، وتسليم الصغير الحقير للعظيم الكبير فإنه ناموس عام جار في الكون حاكم في جميع أجزاء الوجود ، وبه يؤثر الأسباب في مسبباتها وتتأثر المسببات عن أسبابها.
وإذا ظهر الناموس المذكور لذوات الشعور والإرادة من الحيوان كان مبدأ للخضوع والمطاوعة من الضعيف للقوي كما نشاهده من حال الحيوانات العجم إذا شعر الضعيف منها بقوة القوي آئسا من الظهور عليه والقدرة على مقاومته.
وظهوره في العالم الإنساني أوسع وأبين من سائر الحيوان لما في هذا النوع من عمق الإدراك وخصيصة الفكر فهو متفنن في إجرائه في غالب مقاصده وأعماله جلبا للنفع أو دفعا للضرر كخضوع الرعية للسلطان والفقير للغني والمرءوس للرئيس والمأمور للآمر والخادم للمخدوم والمتعلم للعالم والمحب للمحبوب والمحتاج للمستغني والعبد للسيد والمربوب للرب.
وجميع هذه الخضوعات من نوع واحد وهو تذلل وهوان نفساني قبال عزة وقهر مشهود ، والعمل البدني الذي يظهر هذا التذلل والهوان هي العبادة أيا ما كانت؟ وممن ولمن تحققت؟ ولا فرق في ذلك بين الخضوع للرب تعالى وبينه إذا تحقق من العبد بالنسبة إلى مولاه أو من الرعية بالنسبة إلى السلطان أو من المحتاج بالنسبة إلى المستغني أو غير ذلك فالجميع عبادة.
وعلى أي حال لا سبيل إلى ردع الإنسان عن هذا الخضوع لاستناده إلى قضاء فطري ليس للإنسان أن يتجافى عنه إلا أن يتبين له أن الذي كان يظنه قويا ويستضعف نفسه دونه ليس على ما كان يظنه بل هما سواء مثلا.
ومن هنا ما نرى أن الإسلام لم ينه عن اتخاذ آلهة دون الله وعبادتهم إلا بعد ما بين للناس أنهم مخلوقون مربوبون أمثالهم ، وأن العزة والقوة لله جميعا قال