والأكوار من غير أن تقف أو تنتهي إلى أمد.
فهي وسائط بين الله سبحانه وبين هذا العالم المشهود تقرب عبادتها الإنسان منه تعالى ثم من الواجب أن يتخذ لها أصنام وتماثيل فيتقرب إليها بعبادة تلك الأصنام والتماثيل.
وذكر المورخون أن الذي أسس بنيانها وهذب أصولها وفروعها هو « يوذاسف » المنجم ظهر بأرض الهند في زمن طهمورث ملك إيران ، ودعا إلى مذهب الصابئة فاتبعه خلق كثير ، وشاع مذهبه في أقطار الأرض كالروم واليونان وبابل وغيرها ، وبنيت لها هياكل ومعابد مشتملة على أصنام الكواكب ، ولهم أحكام وشرائع وذبائح وقرابين يتولاها كهنتهم. وربما ينسب إليهم ذبح الناس.
وهؤلاء يوحدون الله في ألوهيته لا في عبادته ، وينزهونه عن النقائص والقبائح ، ويصفونه بالنفي لا بالإثبات كقولهم لا يعجز ولا يجهل ولا يموت ولا يظلم ولا يجور ، ويسمون ذلك بالأسماء الحسنى مجازا وليسوا بقائلين باسم حقيقة وقد قدمنا شيئا من تاريخهم في تفسير قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ » الآية ، البقرة : ـ ٦٢ في الجزء الأول من هذا الكتاب.
٦ ـ الوثنية البرهمية : والبرهمية ـ على ما تقدم ـ من مذاهب الوثنية المتأصلة ، ولعلها أقدمها بين الناس فإن المدنية الهندية من أقدم المدنيات الإنسانية لا يضبط بدء تاريخي لها على التحقيق ، ولا يضبط بدء تاريخي لوثنية الهند غير أن بعض المورخين كالمسعودي وغيره ذكروا أن برهمن اسم أول ملوك الهند الذي عمر بلادها وأسس قواعد المدنية فيها وبسط العدل بين أهلها.
ولعل البرهمية نشأت بعده باسمه فكثيرا ما كانت الأمم الماضية يعبدون ملوكهم والأعاظم من أقوامهم لاعتقادهم أنهم ذوو سلطة غيبية وأن اللاهوت ظهر فيهم نوع ظهور ، ويؤيده بعض التأييد أن الظاهر من « ويدا » وهو كتابهم المقدس أنه مجموع من رسائل ومقالات شتى ألف كل شطر منها بعض رجال الدين في أزمنة مختلفة ورثوها من بعدهم فجمعت وألفت كتابا يشير إلى دين ذي نظام وقد صرح به علماء سانسكريت ولازم ذلك أن يكون البرهمية كغيرها من مذاهب الوثنية مبتدئة