( كلام في قصة هود )
١ ـ عاد قوم هود :
هؤلاء قوم من العرب من بشر ما قبل التاريخ كانوا يسكنون الجزيرة انقطعت أخبارهم وانمحت آثارهم لا يحفظ التاريخ من حياتهم إلا أقاصيص لا يطمئن إليها وليس في التوراة الموجودة منهم ذكر.
والذي يذكره القرآن الكريم من قصتهم هو أن عادا ـ وربما يسميهم عادا الأولى ( النجم : ٥٠ ) وفيه إشارة إلى أن هناك عادا ثانية ـ كانوا قوما يسكنون الأحقاف (١) من شبه جزيرة العرب » الأحقاف : ٢١ ) بعد قوم نوح ( الأعراف : ٦٩ ).
كانت لهم أجساد طويلة ( القمر : ٢٠ ، الحاقة : ٧ ) وكانوا ذوي بسطة في الخلق ( الأعراف : ٦٩ ) أولي قوة وبطش شديد ( حم السجدة : ١٥ ، الشعراء :١٣٠ ) وكان لهم تقدم ورقي في المدنية والحضارة ، لهم بلاد عامرة وأراض خصبة ذات جنات ونخيل وزروع ومقام كريم ( الشعراء وغيرها ) ، وناهيك في رقيهم وعظيم مدنيتهم قوله تعالى في وصفهم : « أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ » الفجر : ـ ٨.
لم يزل القوم يتنعمون بنعمة الله حتى غيروا ما بأنفسهم فتعرقت فيهم الوثنية وبنوا بكل ريع آية يعبثون واتخذوا مصانع لعلهم يخلدون وأطاعوا طغاتهم المستكبرين فبعث الله إليهم أخاهم هودا يدعوهم إلى الحق ويرشدهم إلى أن يعبدوا الله ويرفضوا الأوثان ، ويعملوا بالعدل والرحمة ( الشعراء : ١٣٠ ) فبالغ في وعظهم وبث النصيحة فيهم ، وأنار الطريق وأوضح السبيل ، وقطع عليهم العذر فقابلوه بالآباء والامتناع ، وواجهوه بالجحد والإنكار ولم يؤمن به إلا شرذمة منهم قليلون وأصر جمهورهم على البغي والعناد ، ورموه بالسفه والجنون ، وألحوا عليه بأن ينزل
__________________
(١) الأحقاف جمع حقف والرمل المعوج ، والأحقاف المذكور في الكتاب العزيز واد بين عمان وأرض مهرة وقيل من عمان إلى حضرموت وهي ومال مشرفة على البحر بالشحر وقال الضحاك : الأحقاف جبل بالشام ( المراصد ).