وقد وقع في بعض الروايات في وصف الناقة أنه كانت بين جنبيها مسافة ميل وهو مما يوهن الرواية لا لاستحالة وقوعه فإن ذلك ممكن الدفع من جهة أن كينونتها كانت عن إعجاز بل لأن اعتبار النسبة بين أعضائها حينئذ يوجب بلوغ ارتفاع سنامها مما يقرب من ثلاثة أميال ولا يتصور مع ذلك أن يتمكن واحد من الناس من قتله بسيفه ولم يقع ذلك عن إعجاز من عاقر الناقة قطعا ، ومع ذلك لا يخلو قوله تعالى : « لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ » من دلالة أو إشعار على كون جثتها عظيمة جدا.
( كلام في قصة صالح في فصول )
١ ـ ثمود قوم صالح عليهالسلام : ثمود قوم من العرب العاربة كانوا يسكنون وادي القرى بين المدينة والشام ، وهم من بشر ما قبل التاريخ لا يضبط التاريخ إلا شيئا يسيرا من أخبارهم ، ولقد عفت الدهور آثارهم فلا اعتماد على ما يذكر من جزئيات قصصهم.
والذي يقصه كتاب الله من أخبارهم أنهم كانوا أمة من العرب على ما يدل عليه اسم نبيهم وقد كان منهم ( هود : ٦١ ) نشئوا بعد قوم عاد ولهم حضارة ومدنية يعمرون الأرض ويتخذون من سهولها قصورا وينحتون من الجبال بيوتا آمنين الأعراف : ٧٤ ) ومن شغلهم الفلاحة بإجراء العيون وإنشاء الجنات والنخيل والحرث ( الشعراء : ١٤٨ ).
كانت ثمود تعيش على سنة الشعوب والقبائل يحكم فيهم سادتهم وشيوخهم وقد كانت في المدينة التي بعث فيها صالح تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ( النمل : ٤٨ ) فطغوا في الأرض وعبدوا الأصنام وأفرطوا عتوا وظلما.
٢ ـ بعثة صالح عليهالسلام : لما نسيت ثمود ربها وأسرفوا في أمرهم أرسل الله إليهم صالحا النبي عليهالسلام وكان من بيت الشرف والفخار معروفا بالعقل والكفاية ( هود ٦٢ ـ النمل ٤٩ ) فدعاهم إلى توحيد الله سبحانه وأن يتركوا عبادة الأصنام وأن يسيروا في مجتمعهم بالعدل والإحسان ، ولا يعلوا في الأرض ولا يسرفوا ولا يطغوا وأنذرهم بالعذاب » هود ـ الشعراء ـ الشمس وغيرها ).