فقام عليهالسلام بالدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة وصبر على الأذى في جنب الله فلم يؤمن به إلا جماعة قليلة من ضعفائهم ( الأعراف : ٧٥ ) وأما الطغاة المستكبرون وعامة من تبعهم فأصروا على كفرهم واستذلوا الذين آمنوا به ورموه بالسفاهة والسحر ( الأعراف ٦٦ ـ الشعراء ١٥٣ ـ النمل ٤٧ ).
وطلبوا منه البينة على مقاله ، وسألوه آية معجزة تدل على صدقه في دعوى الرسالة ، واقترحوا له أن يخرج لهم من صخر الجبل ناقة فأتاهم بناقة على ما وصفوها به ، وقال لهم : إن الله يأمركم أن تشربوا من عين مائكم يوما وتكفوا عنها يوما فتشربها الناقة فلها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم ، وأن تذروها تأكل في أرض الله كيف شاءت ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب ( الأعراف ٧٢ ـ هود ٦٤ ـ الشعراء ١٥٦ ).
وكان الأمر على ذلك حينا ثم إنهم طغوا ومكروا وبعثوا أشقاهم لقتل الناقة فعقرها ، وقالوا لصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال صالح عليهالسلام : ( تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) : ( هود ـ ٦٥ ).
ثم مكرت شعوب المدينة وأرهاطها بصالح وتقاسموا بينهم لنبيتنه وأهله ثم نقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ، ومكروا مكرا ومكر الله مكرا وهم لا يشعرون ( النمل ٥٠ ) ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ) : الذاريات ـ ٤٤ والرجفة والصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ( الأعراف ٧٩ ـ هود ٦٧ ) وأنجى الله الذين آمنوا وكانوا يتقون ( حم السجدة ١٨ ) ونادى بعدهم المنادي الإلهي : ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود.
٣ ـ شخصية صالح عليهالسلام : لم يرد لهذا النبي الصالح في التوراة الحاضرة ذكر. كان عليهالسلام من قوم ثمود ثالث الأنبياء المذكورين في القرآن بالقيام بأمر الله والنهضة للتوحيد على الوثنية يذكره الله تعالى بعد نوح وهود ، ويحمده ويثني عليه بما أثنى به على أنبيائه ورسله ، وقد اختاره وفضله كسائرهم على العالمين عليهالسلام.