صلىاللهعليهوآله : بكى شعيب عليهالسلام من حب الله حتى عمي ـ فرد الله عليه بصره ، وأوحى الله إليه : يا شعيب ما هذا البكاء؟ أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار؟ فقال : لا ولكن اعتقدت حبك بقلبي ، فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي؟ فأوحى الله إليه : يا شعيب إن يكن ذلك حقا ـ فهنيئا لك لقائي ، يا شعيب لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي.
أقول : المراد بالنظر إليه تعالى هو النظر القلبي دون النظر الحسي المستلزم للجسمية ، تعالى عن ذلك ، وقد تقدم توضيحه في تفسير قوله تعالى : « وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا » الأعراف : ـ ١٤٣ في الجزء الثامن من الكتاب.
وفيه ، أخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب : « وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً » قال : كان مكفوفا فنسبوه إلى الضعف. « وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ » قال علي : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ـ ما هابوا إلا العشيرة.
( كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول )
١ ـ هو عليهالسلام ثالث الرسل من العرب الذين ذكرت أسماؤهم في القرآن وهم هود وصالح وشعيب ومحمد عليهالسلام ذكر الله تعالى طرفا من قصصه في سور الأعراف وهود والشعراء والقصص والعنكبوت.
كان عليهالسلام من أهل مدين ـ مدينة في طريق الشام من الجزيرة ـ وكان معاصرا لموسى عليهالسلام ، وقد زوجه إحدى ابنتيه على أن يأجره ثماني حجج وإن أتم عشرا فمن عنده ( القصص : ٢٧ ) فخدمه موسى عشر سنين ثم ودعه وسار بأهله إلى مصر.
وكان قومه من أهل مدين يعبدون الأصنام وكانوا قوما منعمين بالأمن والرفاهية والخصب ورخص الأسعار فشاع الفساد بينهم والتطفيف بنقص المكيال والميزان ( هود : ٨٤ وغيرها ) فأرسل الله إليهم شعيبا وأمره أن ينهاهم عن عبادة الأصنام وعن الفساد في الأرض ونقص المكيال والميزان فدعاهم إلى ما أمر به ووعظهم بالإنذار والتبشير وذكرهم ما أصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط.