وبالغ عليهالسلام في الاحتجاج عليهم وعظتهم فلم يزدهم إلا طغيانا وكفرا وفسوقا ( الأعراف وهود وغيرهما من السور ) ولم يؤمنوا به إلا عدة قليلة منهم فأخذوا في إيذائهم والسخرية بهم وتهديدهم عن اتباع شعيب عليهالسلام ، وكانوا يقعدون بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجا ( الأعراف : ٨٦ ).
وأخذوا يرمونه عليهالسلام بأنه مسحور وأنه كاذب ( الشعراء : ١٨٥ ، ١٨٦ ) وأخافوه بالرجم ، وهددوه والذين آمنوا به بالإخراج من قريتهم أو ليعودن في ملتهم ( الأعراف : ٨٨ ) ولم يزالوا به حتى أيأسوه من إيمانهم فتركهم وأنفسهم ( هود : ٩٣ ) ودعا الله بالفتح قال : ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.
فأرسل الله إليهم عذاب يوم الظلة ( الشعراء : ١٨٩ ) وقد كانوا يستهزءون به أن أسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين وأخذتهم الصيحة ( هود : ٩٤ ) والرجفة ( الأعراف : ٩١ ـ العنكبوت : ٣٧ ) فأصبحوا في ديارهم جاثمين ونجى شعيبا ومن معه من المؤمنين ( هود : ٩٤ ) ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ : يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ ) : الأعراف : ـ ٩٣.
٢ ـ شخصيته المعنوية ، كان عليهالسلام من زمرة الرسل المكرمين وقد أشركه الله تعالى فيما أثناهم به من الثناء الجميل في كتابه ، وقد حكى عنه فيما كلم به قومه وخاصة في سور الأعراف وهود والشعراء شيئا كثيرا من حقائق المعارف والعلوم الإلهية والأدب البارع مع ربه ومع الناس.
وقد سمى نفسه الرسول الأمين ( الشعراء : ١٧٨ ) ومصلحا ( هود : ٨٨ ) وأنه من الصالحين ( الشعراء : ٢٧ ) فحكى الله ذلك عنه حكاية إمضاء ، وقد خدمه الكليم موسى بن عمران عليهالسلام زهاء عشر سنين سلام الله عليه.
٣ ـ ذكره في التوراة ، لم تقص التوراة قصته مع قومه وإنما أشارت إليه في ضمن ما ذكرت قصة قتل موسى القبطي وفراره من مصر إلى مديان ( القصة ) فسمته « رعوئيل كاهن مديان ». (١)
__________________
(١) الإصحاح الثاني من سفر الخروج من التوراة.