يتمرد فيخرج من سلطانه كما ليس له أن يسبقه تعالى ويفوته قال تعالى : « إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ » : الطلاق : ٣.
وبالجملة هو تعالى غالب على هذه الأسباب الفعالة بإذنه يحمل عليها ما يريده فليس لها إلا السمع والطاعة ولكن أكثر الناس لا يعلمون لحسبانهم أن الأسباب الظاهرة مستقلة في تأثيرها فعاله برءوسها فإذا ساقت الحوادث إلى جانب لم يحولها عن وجهتها شيء وقد أخطئوا.
( بحث روائي )
في المعاني ، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : صليت مع علي بن الحسين عليهالسلام الفجر بالمدينة يوم الجمعة ـ فلما فرغ من صلاته وتسبيحه نهض إلى منزله وأنا معه ـ فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها : لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فإن اليوم يوم الجمعة.قلت : ليس كل من يسأل مستحقا فقال : يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا ـ فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله ـ أطعموهم.
إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا ـ فيتصدق به ويأكل هو وعياله منه ، وإن سائلا مؤمنا صواما محقا له عند الله منزلة ـ وكان مجتازا غريبا اعتر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره ـ يهتف على بابه : أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا قد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله.
فلما أيس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع ـ واستعبر وشكى جوعه إلى الله ـ وبات طاويا وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله ـ وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا ، وأصبحوا وعندهم من فضل طعامهم.
قال : فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ـ ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك ـ يا يعقوب إن أحب أنبيائي إلي وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي ـ وقربهم إليه وأطعمهم وكان لهم مأوى وملجأ.