قولهن في شيوع الفضيحة.
وامرأة العزيز هي التي كان يوسف في بيتها وقد راودته عن نفسه والعزيز معناه معروف ، وقد كان يلقب به السيد الذي اشترى يوسف من السيارة وكان يلقب به الرؤساء بمصر كما لقب به يوسف بعد ما جعل على خزائن الأرض.
وفي قوله : « تُراوِدُ » دلالة على الاستمرار وهو أفحش المراودة ، والفتى الغلام الشاب والمرأة فتاة ، وقد شاع تسمية العبد فتى وكأنه بهذه العناية أضيف إلى ضميرها فقيل : « فَتاها ».
وفي المفردات ، : « شَغَفَها حُبًّا » أي أصاب شغاف قلبها أي باطنه. عن الحسن ، وقيل : وسطه. عن أبي علي ، وهما يتقاربان انتهى. وشغاف القلب غلافه المحيط به.
والمعنى : وقال عدة من نساء المدينة لا يخلو قولهن من أثر فيها وفي حقها : امرأة تستمر في مراودة عبدها عن نفسه ولا يحري بها ذلك لأنها مرأة ومن القحة أن تراود المرأة الرجل بل ذاك ـ إن كان ـ من طبع الرجال وأنها امرأة العزيز فهي عزيزة مصر فمن الواجب الذي لا معدل عنه أن تراعي شرف بيتها وعزة زوجها ومكانة نفسها ، وإن الذي علقت به عبدها من الشنيع أن يتوله مثلها وهي عزيزة مصر بعبد عبراني من جملة عبيده ، وأنها أحبته وتعدت ذلك إلى مراودته فامتنع من إجابتها فلم تنته حتى ألحت واستمرت على مراودته وذلك أقبح وأشنع وأمعن في الضلال.
ولذلك عقبن قولهن : « امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ » إلخ بقولهن : « إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ».
قوله تعالى : « فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً » قال في المجمع ، : المكر هو الفتل بالحيلة على ما يراد من الطلبة. انتهى. وتسمية هذا القول منهن مكرا بامرأة العزيز لما فيه من فضاحتها وهتك سترها من ناحية رقيباتها حسدا وبغيا ، وإنما أرسلت إليهن لتريهن يوسف وتبتليهن بما ابتليت به نفسها فيكففن عن لومها ويعذرنها في حبه.
وعلى هذا إنما سمي قولهن مكرا ونسب السمع إليه لأنه صدر منهن حسدا وبغيا لغاية