إنه هو السميع بأقوال عباده العليم بأحوالهم.
( أبحاث حول التقوى الديني ودرجاته )
في فصول
١ ـ القانون والأخلاق الكريمة والتوحيد : لا يسعد القانون إلا بإيمان تحفظه الأخلاق الكريمة والأخلاق الكريمة لا تتم إلا بالتوحيد فالتوحيد هو الأصل الذي عليه تنمو شجرة السعادة الإنسانية وتتفرع بالأخلاق الكريمة ، وهذه الفروع هي التي تثمر ثمراتها الطيبة في المجتمع ، قال تعالى : « أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ » : إبراهيم : ٢٦. فجعل الإيمان بالله كشجرة لها أصل وهو التوحيد لا محالة وأكل تؤتيه كل حين بإذن ربها » وهو العمل الصالح ، وفرع وهو الخلق الكريم كالتقوى والعفة والمعرفة والشجاعة والعدالة والرحمة ونظائرها.
وقال تعالى : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ » : الفاطر : ١٠ فجعل سعادة الصعود إلى الله وهو القرب منه تعالى للكلم الطيب وهو الاعتقاد الحق وجعل العمل الذي يصلح له ويناسبه هو الذي يرفعه ويمده في صعوده.
بيان ذلك : أن من المعلوم أن الإنسان لا يتم له كماله النوعي ولا يسعد في حياته التي لا بغية له أعظم من إسعادها إلا باجتماع من أفراد يتعاونون على أعمال الحياة على ما فيها من الكثرة والتنوع وليس يقوى الواحد من الإنسان على الإتيان بها جميعا.
وهذا هو الذي أحوج الإنسان الاجتماعي إلى أن يتسنن بسنن وقوانين يحفظ بها حقوق الأفراد عن الضيعة والفساد حتى يعمل كل منهم ما في وسعه العمل به ثم يبادلوا أعمالهم فينال كل من النتائج المعدة ما يعادل عمله ويقدره وزنه الاجتماعي من غير أن يظلم القوي المقتدر أو يظلم الضعيف العاجز.
ومن المسلم أن هذه السنن والقوانين لا تثبت مؤثرة إلا بسنن وقوانين أخرى جزائية