يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قالُوا : تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ ) فاعترفوا بذنبهم وشهدوا أن الأمر إلى الله يعز من يشاء ويذل من يشاء وأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الصابرين. فقابلهم يوسف بالعفو والاستغفار وقال : ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ ) وقربهم إليه وزاد في إكرامهم.
ثم أمرهم أن يرجعوا إلى أهليهم ويذهبوا بقميصه فيلقوه على وجه أبيه يأت بصيرا فتجهزوا للسير ولما فصلت العير قال يعقوب لمن عنده من بنيه : ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) قال من عنده من بنيه : ( تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ) ، ولما جاءه البشير ألقى القميص على وجهه فارتد بصيرا فرد الله سبحانه إليه بصره بعين ما ذهب به وهو القميص قال يعقوب لبنيه : ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ : إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا : يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ : سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ).
ثم تجهزوا للمسير إلى يوسف واستقبلهم يوسف وضم إليه أبويه وأعطاهم الأمن وأدخلهم دار الملك ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا يعقوب وامرأته وأحد عشر من ولده ، ( قالَ ) يوسف ( يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ) ثم شكر الله على لطيف صنعه في دفع النوائب العظام عنه وإيتائه الملك والعلم.
وبقي آل يعقوب بمصر ، وكان أهل مصر يحبون يوسف حبا شديدا لفضل نعمته عليهم وحسن بلائه فيهم ، وكان يدعوهم إلى دين التوحيد وملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهالسلام ( كما ورد في قصة السجن وفي سورة المؤمن ).
٢ ـ ما أثنى الله عليه ومنزلته المعنوية : ـ كان عليهالسلام من المخلصين وكان صديقا وكان من المحسنين ، وقد آتاه الله حكما وعلما وعلمه من تأويل الأحاديث وقد اجتباه الله وأتم نعمته عليه وألحقه بالصالحين ( سورة يوسف ) وأثنى عليه بما أثنى على آل نوح وإبراهيم عليهالسلام من الأنبياء وقد ذكره فيهم ( سورة الأنعام ).
٣ ـ قصته في التوراة الحاضرة : قالت التوراة : وكان (١) بنو يعقوب اثني
__________________
(١) الإصحاح ٣٥ من سفر التكوين تذكر التوراة أن ليئة وراحيل امرأتي يعقوب بنتا لابان الأرامي وأن راحيل أم يوسف ماتت حين وضعت بنيامين.