( كلام في الرؤيا في فصول )
١ ـ الاعتناء بشأنها. كان الناس كثير العناية بأمر الرؤى والمنامات منذ عهود قديمة لا يضبط لها بدء تاريخي ، وعند كل قوم قوانين وموازين متفرقة متنوعة يزنون بها المنامات ويعبرونها بها ويكشفون رموزها ، ويحلون بها مشكلات إشاراتها فيتوقعون بذلك خيرا أو شرا أو نفعا أو ضرا بزعمهم.
وقد اعتنى بشأنها في القرآن الكريم كما حكى الله سبحانه فيه رؤيا إبراهيم في ابنه عليهالسلام قال : ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ـ إلى أن قال ـ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا » : الصافات : ١٠٥.
ومنها ما حكاه تعالى من رؤيا يوسف عليهالسلام : « إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ » : يوسف : ٤.
ومنها رؤيا صاحبي يوسف في السجن : « قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » : يوسف : ٣٦.
ومنها رؤيا الملك : « وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ » : يوسف : ٤٣.
ومنها رؤيا أم موسى قال تعالى : « إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ » : طه : ٣٩ على ما ورد في الروايات أنه كان رؤيا.
ومنها ما ذكر من رؤي رسول الله صلىاللهعليهوآله قال تعالى : « إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ » : الأنفال : ٤٣ ، وقال : « لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ » : الفتح : ٢٧ وقال : « وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ » : الإسراء : ٦٠.