وقيل : هو الذى قد أكل الرَّبيع فاحمر ظُنبوباه ، أو اصفرّا أو اخضرّا.
* قال أبو حنيفة : أما الخاضب من النَّعام فيكون من أنّ الأنوار تصبُغ أطراف ريشه ، ويكون من أنّ وظيفَيه يحمرّان فى الربيع من غير خَضْب شىء ، وهو عارض يَعرِض للنعام فتحمَرُّ أوظفتُها.
* وقد قيل فى ذلك أقوال : فقال بعض الأعراب ، أحسبه أبا خَيرة : إذا كان الربيع فأكل الأساريعَ احمرّت رجلاه ومِنْقارُه احمرارَ العُصفر ؛ ولو كان هذا هكذا كان ما لم يأكل منها الأساريع لا يعرض له ذلك.
* وقد زعم رجال من أهل العلم : أن البُسر إذا بدأ يحمرّ بدأ وظيفا الظليم يحمرّان ، فإذا انتهت حُمرة البسر انتهت حُمرة وظيفَيْه.
فهذا على هذا غريزة فيه وليس من أكل الأساريع ؛ ولا أعرف النعام يأكُل الأساريع.
* وقد حُكى عن أبى الدُّقيش الأعرابى أنه قال : الخاضب من النعام إذا اغتلم فى الربيع اخضرّت ساقاه ، والظليم إذا اغتلم احمرت عنقه وصدره وفخذاه ، الجِلْد لا الريش ، حُمرة شديدة ، ولا يعرض ذلك للأنثى.
* قال : وليس ما قيل من أكله الأساريع بشىء ، لأن ذلك يعرض للداجنة [فى البيوت] التى لا تَرى يُسْرُوعًا بتّة ، ولا يعرض ذلك لإناثها.
وليس هو عند الأصمعى إلا من خَضْب النَّور ، ولو كان كذلك لكان أيضا يَصْفَرّ ويَخْضرّ ويكون على قدر ألوان النَّور والبَقْل ؛ وكانت الخُضرة أكثر لأنّ البَقل أكثرُ من النَّور ، أولا تراهم حين وصفوا الخَواضب من الوحش وَصفوها بالخُضرة أكثر ما وَصفوا ، ومن أىّ ما كان فإنه يقال له : الخاضب ، من أجل الحُمرة التى تَعترى ساقيه ؛ والخاضب : وصفٌ له علم ، يُعرف به ، فإذا قالوا : خاضب ، عُلم أنه إياه يُريدون ؛ قال ذو الرمة :
أذاك أمْ خاضبٌ بالسِّىّ مَرْتعهُ |
|
أبو ثَلاثين أمسَى فهو مُنْقلِبُ (١) |
فقال : أم خاضب ؛ كما أنه لو قال : أذاك أم ظليم ، كان سواءً ، هذا كله قول أبى حنيفة ، وقد وهم فى قوله بتّة ، لأن سيبويه إنما حكاه بالألف واللام لا غير ، ولم يُجِزْ سُقوط الألف واللام منه سَماعا من العرب.
وقوله : وصف له علم ، لا يكون الوصف علما ، إنما أراد أنه وصف قد غَلب حتى صار بمنزلة الاسم العلم ، كما تقول : الحارث ، والعباس.
__________________
(١) البيت لذى الرمة فى ديوانه ص ١١٤ ؛ وجمهرة أشعار العرب ص ٩٦٢ ؛ ولسان العرب (خضب) ، (سوا).