وإظهار ذلك للسامعين ، والمقام مقام التطميع والتبشير ، والظرف ظرف الدعوة والترغيب ؟ فهذا أسخف الوجوه. ١
رابعاً : أن يكون ( إلّا ) بمعنى ( الواو ) أي وما شاء ربك من الزيادة ، وأضاف العلامة الطبرسي : وهذا القول قد ضعفه النحويون. ٢
وقال العلامة الطباطبائي في رده : إن كون ( إلّا ) بمعنى الواو ولم يثبت ، وإنما ذكره الفرّاء لكنهم ضعفوه. على أن الوجه مبني على عدم إفادة التقدير والتحديد السابق على الاستثناء في الآيتين الدوام ، وقد عرفت ما فيه. ٣
خامساً : أن المراد بالذين شقوا من أدخل النار من أهل التوحيد الذين ضموا إلى إيمانهم وطاعتهم ارتكاب المعاصي ، فقال سبحانه إنهم معاقبون في النار إلا ما شاء ربك من إخراجهم منها إلى الجنة وإيصال ثواب طاعتهم اليهم.
وأما الاستثناء الذي في أهل الجنة فهو إستثناء من خلودهم أيضاً ، لان من ينقل من النار إلى الجنة ويخلد فيها لابدّ في الإخبار عنه بتأييد خلوده من استثناء ما تقدم من حاله ، فكأنه قال : إنهم في الجنة خالدين فيها إلا ما شاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار.
قالوا : والذين شقوا في هذا القول هم الذين سعدوا بأعيانهم ، وإنما أجرى عليهم كل من الوصفين في الحال الذي يليق به ذلك ، فاذا أدخلوا في النار وعوقبوا فيها فهم أهل شقاء ، وإذا أدخلوا في الجنة وأثبتوا فيها فهم أهل سعادة ، ونسبوا هذا القول إلى ابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وأبي سعيد الخدري من الصحابة وجماعة من التابعين.
وأشكل العلامة الطباطبائي على هذا القول بكونه لا يلائم السياق ، فانه تعالى قسّم أهل الجمع يوم القيامة إلى قسمين : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) ومن
________________
١. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣١. |
٢. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٥. |
٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣١.