أحدها : الأخبار الكثيرة المروية من طرق الشيعة وأهل السنة الدالة على سقوط بعض السور والآيات وكذا الجمل وأجزاء الجمل والكلمات والحروف في الجمع الأول الذي ألف فيه القرآن في زمن أبي بكر وكذا في الجمع الثاني الذي كان في زمن عثمان وكذا التغيير وهذه روايات كثيرة روتها الشيعة في جوامعها المعتبرة وغيرها ، وقد ادعى بعضهم أنها تبلغ ألفي حديث ، وروتها أهل السنة في صحاحهم كصحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والسنائي وأحمد وسائر الجوامع وكتب التفاسير وغيرها وقد ذكر الآلوسي في تفسيره أنها فوق حد الإحصاء.
وهذا غير ما يخالف فيه مصحف عبد الله بن مسعود المصحف المعروف مما ينيف على ستين موضعا ، وما يخالف فيه مصحف أبي بن كعب المصحف العثماني وهو في بضع وثلاثين موضعا ، وما يختلف فيه المصاحف العثمانية التي اكتتبها وأرسلها إلى الآفاق وهي خمسة أو سبعة أرسلها إلى مكة وإلى الشام وإلى البصرة وإلى الكوفة وإلى اليمن وإلى البحرين وحبس واحدا بالمدينة والاختلاف الذي فيما بينها يبلغ خمسة وأربعين حرفا ، وقيل : بضع وخمسين حرفا. (١) وغير الاختلاف في الترتيب بين المصاحف العثمانية والجمع الأول في زمن أبي بكر فقد كانت سورة الأنفال في التأليف الأول في المثاني وسورة براءة في المئين وهما في الجمع الثاني موضوعتان في الطوال على ما ستجيء روايته.
وغير الاختلاف في ترتيب السور الموجود بين مصحفي عبد الله بن مسعود وأبي ابن كعب على ما وردت به الرواية وبين المصاحف العثمانية وغير الاختلافات القرائية الشاذة التي رويت عن الصحابة والتابعين فربما بلغ عدد المجموع الألف أو زاد عليه.
الوجه الثاني : أن العقل يحكم بأنه إذا كان القرآن متفرقا متشتتا منتشرا عند الناس وتصدى لجمعه غير المعصوم يمتنع عادة أن يكون جمعه كاملا موافقا للواقع.
الوجه الثالث : ما روته العامة والخاصة : أن عليا عليهالسلام اعتزل الناس بعد رحلة النبي صلىاللهعليهوآله ـ ولم يرتد إلا للصلاة حتى جمع القرآن ثم حمله إلى الناس ـ وأعلمهم أنه القرآن
__________________
(١) ذكره ابن طاووس في سعد السعود.