ووضعتها في السبع الطوال.
أقول : السبع الطوال ـ على ما يظهر من هذه الرواية وروي أيضا عن أبي جبير ـ هي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس ، وقد كانت موضوعة في الجمع الأول على هذا الترتيب ثم غير عثمان هذا الترتيب فأخذ الأنفال وهي من المثاني وبراءة وهي من المئين قبل المثاني فوضعهما بين الأعراف ويونس مقدما الأنفال على براءة.
الفصل ٦
الروايات الموضوعة في الفصلين السابقين هي أشهر الروايات الواردة في باب جمع القرآن وتأليفه بين صحيحة وسقيمة ، وهي تدل على أن الجمع الأول كان جمعا لشتات السور المكتوبة في العسب واللخاف والأكتاف والجلود والرقاع وإلحاق الآيات النازلة متفرقة إلى سور تناسبها.
وإن الجمع الثاني وهو الجمع العثماني كان رد المصاحف المنتشرة عن الجمع الأول بعد عروض تعارض النسخ واختلاف القراءات عليها إلى مصحف واحد مجمع عليه عدا ما كان من قول زيد إنه ألحق قوله : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) الآية ، في سورة الأحزاب في المصحف فقد كانت المصاحف تتلى خمس عشرة سنة وليست فيها الآية.
وقد روى البخاري عن ابن الزبير قال : قلت لعثمان ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ) قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها؟ قال : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه.
والذي يعطيه النظر الحر في أمر هذه الروايات ودلالتها ـ وهي عمدة ما في هذا الباب ـ أنها آحاد غير متواترة لكنها محفوفة بقرائن قطعية فقد كان النبي صلىاللهعليهوآله يبلغ الناس ما نزل إليه من ربه من غير أن يكتم منه شيئا ، وكان يعلمهم ويبين لهم ما نزل إليهم من ربهم على ما نص عليه القرآن ، ولم يزل جماعة منهم يعلمون ويتعلمون القرآن تعلم تلاوة وبيان وهم القراء الذين قتل جم غفير منهم في غزوة اليمامة.