من المفسرين.
ولا يخفى عليك ما فيه من التكلف فتخصيص ما في قوله : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ) من العموم وحصره في النبات من تخصيص الأكثر من غير شك والمورد لا يخصص وأردى منه تسمية المطر خزائن النبات وليس إلا سببا من أسبابه وجزء من أجزاء كثيرة يتكون النبات بتركبها الخاص ، على أن المطر إنما تتكون حينما ينزل فكيف يسمى خزانة وليس بموجود ولا أن الذي هو خزانته موجود فيه.
وذكر بعض المفسرين أن المراد بكون خزائن كل شيء عند الله سبحانه شمول قدرته المطلقة له.
فله تعالى من كل نوع من أنواع الأشياء كالإنسان والفرس والنخلة وغير ذلك من الأعيان وصفاتها وآثارها وأفعالها مقدورات في التقدير غير متناهية عددا لا يخرج منها دائما من التقدير والفرض إلى التحقق والفعلية إلا قدر معلوم وعدد معين محدود.
وعلى هذا فالمراد من كل شيء نوعه لا شخصه كالإنسان مثلا لا كزيد وعمرو ، والمراد من القدر المعلوم الكمية المعينة من الأفراد والمراد من وجود خزائنه ووجوده في خزائنه وجوده بحسب التقدير لا بحسب التحقق فيرجع إلى نوع من التشبيه والمجاز.
وأنت خبير بأن فيه تخصيصا للشيء من غير مخصص ، وفيه قصر للقدر في العدد من غير دليل ، والقدر في اللغة قريب المعنى من الحد وهو المفهوم من سياق قوله تعالى : ( قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق : ٣ وقوله : ( وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ ) الرعد : ٨ وقوله : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) القمر : ٤٩ وقوله : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) الفرقان : ٢ إلى غير ذلك.
وفيه إرجاع الكلام إلى معنى مجازي استعاري من غير موجب مع ما فيه من ورود الخزائن بصيغة الجمع من غير نكتة ظاهرة.
وذكر بعض معاصري المفسرين وجها آخر وهو أن المراد بالخزائن العناصر المختلفة التي تتألف منها الأرزاق وغيرها وقد أعد الله منها في عالمنا المشهود كمية عظيمة لا تنفد بعروض التركيب والأسباب الكلية التي تعمل في تركب المركبات كالضوء والحرارة والرياح الدائمة المنظمة وغيرها التي تتكون منها الأشياء مما يحتاج إليه الإنسان