قوله تعالى : ( وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) إلى آخر الآيتين. الغل الحقد ، وقيل هو ما في الصدر من حقد وحسد مما يبعث الإنسان إلى إضرار الغير ، والسرر جمع سرير والنصب هو التعب والعي الوارد من خارج.
يصف تعالى في الآيتين حال المتقين في سعادتهم بدخول الجنة ، اختص بالذكر هذه الأمور من بين نعم الجنة على كثرتها فإن العناية باقتضاء من المقام متعلقة ببيان أنهم في سلام وأمن مما ابتلي به الغاوون من بطلان السعادة وذهاب السيادة والكرامة فذكر أنهم في أمن من قبل أنفسهم لأن الله نزع ما في صدورهم من غل فلا يهم الواحد منهم بصاحبه سوء بل هم إخوان على سرر متقابلين ولتقابلهم معنى سيأتي في البحث الروائي إن شاء الله تعالى وأنهم في أمن من ناحية الأسباب والعوامل الخارجة فلا يمسهم نصب أصلا وأنهم في أمن وسلام من ناحية ربهم فما هم من الجنة بمخرجين أبدا فلهم السعادة والكرامة من كل جهة ، ولا يغشاهم ولا يمسهم شقاء ووهن من جهة أصلا لا من ناحية أنفسهم ولا من ناحية سائر ما خلق الله ولا من ناحية ربهم.
( كلام )
الأقضية التي صدرت عن مصدر العزة في بدء خلقة الإنسان على ما وقع في كلامه سبحانه عشرة :
الأول والثاني قوله لإبليس : ( فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) الحجر : ٣٥ ويمكن إرجاعهما إلى واحد.
الثالث قوله سبحانه له : ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) الحجر : الرابع والخامس والسادس قوله له : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) الحجر : ٤٣.
السابع والثامن قوله سبحانه لآدم ومن معه : ( اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ) البقرة : ٣٦.
التاسع والعاشر قوله لهم : ( اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ