القطر من المطر والخلال جمع خلة وهي الفرجة.
والمعنى : الله الذي يرسل الرياح فتحرك وتنشر سحابا ويبسط ذلك السحاب في جهة العلو من الجو كيف يشاء سبحانه ويجعله قطعات متراكبة متراكمة فترى قطر المطر يخرج من فرجه فإذا أصاب بذلك المطر من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون لأنه مادة حياتهم وحياة الحيوان والنبات.
قوله تعالى : « وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ » الإبلاس : اليأس والقنوط.
وضمير « يُنَزَّلَ » للمطر وكذا ضمير « مِنْ قَبْلِهِ » على ما قيل ، وعليه يكون « مِنْ قَبْلِهِ » تأكيدا لقوله : « مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ » وفائدة التأكيد ـ على ما قيل ـ الاعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من اليأس إلى الاستبشار ، وذلك أن قوله : « مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ » يحتمل الفسحة في الزمان فجاء « مِنْ قَبْلِهِ » للدلالة على الاتصال ودفع ذلك الاحتمال.
وفي الكشاف ، أن قوله : « مِنْ قَبْلِهِ » من باب التكرير والتوكيد كقوله تعالى : « فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها » ومعنى التوكيد فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد فاستحكم يأسهم وتمادى إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك. انتهى.
وربما قيل : إن ضمير « مِنْ قَبْلِهِ » لإرسال الرياح ، والمعنى : وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم المطر من قبل إرسال الرياح لآيسين قانطين.
قوله تعالى : « فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » الآثار جمع الأثر وهو ما يبقى بعد الشيء فيدل عليه كأثر القدم وأثر البناء وأستعير لكل ما يتفرع على شيء ، والمراد برحمة الله المطر النازل من السحاب الذي بسطته الرياح ، وآثارها ما يترتب على نزول المطر من النبات والأشجار والأثمار وهي بعينها آثار حياة الأرض بعد موتها.
ولذا قال : « فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها » فجعل آثار الرحمة التي هي المطر كيفية إحياء الأرض بعد موتها ، فحياة الأرض بعد موتها