البحث
البحث في الميزان في تفسير القرآن
من آثار الرحمة والنبات والأشجار والأثمار من آثار حياتها وهي أيضا من آثار الرحمة والتدبير تدبير إلهي يتفرع على خلقة الرياح والسحاب والمطر.
وقوله : « إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى » الإشارة بذلك إليه تعالى بما له من الرحمة التي من آثارها إحياء الأرض بعد موتها ، وفي الإشارة البعيدة تعظيم ، والمراد بالموتى موتى الإنسان أو الإنسان وغيره من ذوي الحياة.
والمراد بقوله : « إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى » الدلالة على المماثلة بين إحياء الأرض الميتة وإحياء الموتى إذ في كل منهما موت هو سقوط آثار الحياة من شيء محفوظ وحياة هي تجدد تلك الآثار بعد سقوطها ، وقد تحقق الإحياء في الأرض والنبات وحياة الإنسان وغيره من ذوي الحياة مثلها وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد ، فإذا جاز الإحياء في بعض هذه الأمثال وهو الأرض والنبات فليجز في البعض الآخر.
وقوله : « وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » تقرير للإحياء المذكور ببيان آخر وهو عموم القدرة فإن القدرة غير محدودة ولا متناهية فيشمل الإحياء بعد الموت وإلا لزم تقيدها وقد فرضت مطلقة غير محدودة.
قوله تعالى : « وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ » ضمير « فَرَأَوْهُ » للنبات المفهوم من السياق ، وقوله « لَظَلُّوا » جواب للقسم قائم مقام الجزاء ، والمعنى : وأقسم لئن أرسلنا ريحا باردة فضربت زروعهم وأشجارهم بالصفار ورأوه لظلوا بعده كافرين بنعمه.
ففي الآية توبيخهم بالتقلب السريع في النعمة والنقمة ، فإذا لاحت لهم النعمة بادروا إلى الاستبشار ، وإذا أخذ بعض ما أنعم الله به من فضله لم يلبثوا دون أن يكفروا بالمسلمات من النعم.
وقيل : ضمير « فَرَأَوْهُ » للسحاب لأن السحاب إذا كان أصفر لم يمطر ، وقيل : للريح فإنه يذكر ويؤنث ، والقولان بعيدان.
قوله تعالى : « فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ـ إلى قوله ـ فَهُمْ مُسْلِمُونَ » تعليل لما يفهم من السياق السابق كأنه قيل : لا تشتغل ولا تحزن بهؤلاء الذين تتبدل بهم الأحوال من إبلاس واستبشار وكفر ومن عدم الإيمان بآياتنا وعدم تعقلها فإنهم موتى وصم وعمي