ذكرناه في بيان المراد من التوكل نعرف ان اعداد الاسباب المناسبة للمطلوب ـ لا ينافي حصوله من المؤمن بل هو محقق له بمعناه الواقعي ـ لان توقع حصول المطالب الحياتية ونحوها بدون ايجاد اسبابها المادية العادية يعتبر تواكلا مذموما وليس توكلا محمودا ويؤكد ذلك قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك الاعرابي الذي اراد ان يترك ناقته امام باب المسجد بدون عقال يحفظها من الشرود والضياع بانيا على ان ذلك من موارد التوكل الذي وعد الله صاحبه بمساعدته على تحصيل مطلوبه بقوله تعالى :
( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) (١).
أجل : يوضح المراد من التوكل المحمود قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لهذا الاعرابي : إعقل وتوكل.
ولذلك امر الله سبحانه مريم العذراء بهز النخلة لتجني منا الرطب انطلاقا من الحكمة الإلهية العامة المقتضية للتوصل الى المطلوب بواسطة اسبابه الطبيعية ولو اراد سبحانه حصول الرطب لها بدون عملية الهز لحصل ذلك كما شاءت رحمته سبحانه ان ينزل لها طعامها من السماء عندما اقتضت الحكمة ذلك وهو مستفاد من قوله تعالى :
( يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ) (٢).
والمراد من الآية التي ورد الامر فيها لمريم بهز النخلة قوله تعالى :
__________________
(١) سورة الطلاق ، الآية : ٤٣.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٣٧.