وحاصل ما ذكرته حول هذا الموضوع في هذه الخطبة التي دارت حوله وتحركت في فلكه هو ان النفس البشرية تولد نظيفة من كل الاوساخ المعنوية وطاهرة من جميع النجاسات الروحية وانما يطرأ عليها بعد ذلك ما يطرأ من الاوساخ المعنوية نتيجة الاخطاء والذنوب التي تحصل منها عندما تدخل في سلك التكليف وتنطلق في طريق المسؤولية وتتغلب فيها عوامل الانحراف على بواعث الاستقامة بسبب عدم العصمة.
وحيث ان الله ارحم الراحمين فهو يقدر الصعوبة والمعاناة التي تتحملها النفس البشرية عندما تخوض معركة الصراع في ميدان الحياة وتضغط عليها غرائزها الجامحة الى درجة تؤدي بها الى السقوط في ساحة هذا الصراع والله سبحانه برحمته الواسعة لا يريد لها البقاء على سقوطها ورسوبها في الامتحان الصعب لذلك يطلب منها ان تنهض من كبوتها وتقلع عن خطيئتها وتعود الى جادة الاستقامة من جديد وهيأ لها الوسائل التكوينية الفطرية التي اودعها فيها لتدفعها نحو التوبة والعودة الى منهج الشرع القويم وصراطه المستقيم واهم الوسائل التكوينية غريزة الندم التي تثير وخزا في الضمير وألماً في النفس الامر الذي يدفع بها الى واحة الرضوان الإلهي لتتفيأ ظلاله الوارفة وتتقي حرارة الشعور بالخطيئة.
الوسيلة التكوينية والتشريعية لحصول التوبة :
كما هيأ لها الوسيلة التشريعية المؤكدة لتلك الوسائل التكوينية وتأتي العبادات المعهودة في الطليعة من بين الوسائل التشريعية التي تساهم مساهمة فعالة في مرحلتين :