الخالق بحيث لا تكون له ارادة مستقلة عن إرادته ولا تصرف اختياري إيجابي او سلبي منحرف عن جادة شريعته وهذا وذاك هو سبب تحول العبادات الخاصة والطقوس الدينية المعهودة من اعمال عبادية محدودة الشكل والزمان والمكان الى ظاهرة عامة وعبودية لازمة تتحرك مع شخصية العابد في كل طريق يسلكه وتصرف يمارسه وموقف يتخذه وبذلك وجدنا ان الصلاة قد تحررت من قيود مفهومها الخاص المعهود لتشمل كل عمل صالح فيه لله رضا وللإنسانية مصلحة وصلاح كما رأينا ان الصوم قد تجرد من إطاره المحدود المتمثل بالإمساك عن تلك المفطرات المحدودة ضمن الايام المعدودة ليشمل الامساك التام عن كل حرام في كل الشهور والايام وهو المعبر عنه بالتقوى في قوله تعالى :
( يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) (١)
إدراك أهل البيت عليهمالسلام فلسفة العبادة وتحقيقها عملياً :
هكذا وجدنا العبادة قد تحركت في حياة كل واحد من اهل البيت من الطقوس المعهودة الى الهدف الكبير والغاية السامية المقصودة منها ـ وهذا وذاك هو السر في الاعمال الصالحة التي كانوا يقومون بها في سبيل مصلحة الآخرين والاخلاق الفاضلة التي كانوا يتجملون بها معهم حتى لو كان الآخرون مختلفين معهم في الاتجاه الى درجة العداوة المسببة للإساءة ونرى هذه الظاهرة النبيلة بارزة في حياة الإمام الرضا عليهالسلام ، وتتجلى لنا بوضوح من خلال ما تحدث به عنه احد معاصريه المطلعين على اوضاعه الخاصة والعامة فلنسمع إليه وهو يقول
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٣.