( بيان )
قدم سبحانه ما بين به أنه رب معبود ، عبده عباد مخلصون كالأنبياء المكرمين وكفر به آخرون فنجى عباده وأخذ الكافرين بأليم العذاب. ثم تعرض في هذه الآيات لما يعتقدونه في آلهتهم وهم الملائكة والجن وأن الملائكة بنات الله وبينه وبين الجنة نسبا.
والوثنية البرهمية والبوذية والصابئة ما كانوا يقولون بأنوثة جميع الملائكة وإن قالوا بها في بعضهم لكن المنقول عن بعض قبائل العرب الوثنيين كجهينة وسليم وخزاعة وبني مليح القول بأنوثة الملائكة جميعا ، وأما الجن فالقول بانتهاء نسبهم إليه في الجملة منقول عن الجميع.
وبالجملة يشير تعالى في الآيات إلى فساد قولهم ثم يبشر النبي صلىاللهعليهوآله بالنصر ويهددهم بالعذاب ، ويختم السورة بتنزيهه تعالى والتسليم على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
قوله تعالى : « فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ » حلل سبحانه قولهم : إن الملائكة بنات الله إلى ما يستلزمه من اللوازم وهي أن الملائكة أولاده ، وأنهم بنات ، وأنه تعالى خص نفسه بالبنات وهم مخصوصون بالبنين ثم رد هذه اللوازم واحدا بعد واحد فرد قولهم : إن له البنات ولهم البنين بقوله : « فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ » وهو استفهام إنكاري لقولهم بما يلزمه من تفضيلهم على الله لما أنهم يفضلون البنين على البنات ويتنزهون منهن ويئدونهن.
قوله تعالى : « أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ » أم منقطعة أي بل أخلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون يشهدون خلقهم ولم يكونوا شاهدين خلقهم ولا لهم أن يدعوا ذلك ، والذكورة والأنوثة مما لا يثبت إلا بنوع من الحس ، وهذا رد لقولهم بأنوثة الملائكة.
قوله تعالى : « أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ » رد لقولهم بالولادة بأنه من الإفك أي صرف القول عن وجهه إلى غير وجهه أي من الحق إلى الباطل فيوجهون خلقهم بما يعدونه ولادة ويعبرون عنه بها فهم آفكون كاذبون.
قوله تعالى : « أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلا تَذَكَّرُونَ »