وما الإيمان ولكن جعلنا القرآن أو الكتاب نورا إلخ ، هذا وما أذكر أحدا من المفسرين قال به.
وقوله : « ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ » قد تقدم أن الآية مسوقة لبيان أن ما عنده صلىاللهعليهوآله الذي يدعو إليه إنما هو من عند الله سبحانه لا من قبل نفسه وإنما أوتي ما أوتي من ذلك بالوحي بعد النبوة فالمراد بعدم درايته بالكتاب عدم علمه بما فيه من تفاصيل المعارف الاعتقادية والشرائع العملية فإن ذلك هو الذي أوتي العلم به بعد النبوة والوحي ، وبعدم درايته بالإيمان عدم تلبسه بالالتزام التفصيلي بالعقائد الحقة والأعمال الصالحة وقد سمي العمل إيمانا في قوله : « وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ ) البقرة : ١٤٣.
فالمعنى : ما كان عندك قبل وحي الروح الكتاب بما فيه من المعارف والشرائع ولا كنت متلبسا بما أنت متلبس به بعد الوحي من الالتزام الاعتقادي والعملي بمضامينه وهذا لا ينافي كونه صلىاللهعليهوآله مؤمنا بالله موحدا قبل البعثة صالحا في عمله فإن الذي تنفيه الآية هو العلم بتفاصيل ما في الكتاب والالتزام بها اعتقادا وعملا ونفي العلم والالتزام التفصيليين لا يلازم نفي العلم والالتزام الإجماليين بالإيمان بالله والخضوع للحق.
وبذلك يندفع ما استدل بعضهم بالآية على أنه صلىاللهعليهوآله كان غير متلبس بالإيمان قبل بعثته.
ويندفع أيضا ما عن بعضهم أنه صلىاللهعليهوآله لم يزل كاملا في نفسه علما وعملا وهو ينافي ظاهر الآية أنه ما كان يدري ما الكتاب ولا الإيمان.
ووجه الاندفاع أن من الضروري وجود فرق في حاله صلىاللهعليهوآله قبل النبوة وبعدها والآية تشير إلى هذا الفرق ، وأن ما حصل له بعد النبوة لا صنع له فيه وإنما هو من الله من طريق الوحي.
وقوله : « وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا » ضمير « جَعَلْناهُ » للروح والمراد بقوله : « مَنْ نَشاءُ » على تقدير أن يراد بالروح القرآن هو النبي صلىاللهعليهوآله ومن آمن به فإنهم جميعا مهتدون بالقرآن.
وعلى تقدير أن يراد به الروح الأمري فالمراد بمن نشاء جميع الأنبياء ومن آمن بهم