بها ارتباطا خاصا ، ويؤيد ذلك ما نجد أن سورة الأعراف المصدرة بالمص في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات وص ، وكذا سورة الرعد المصدرة بالمر في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات والراءات.
ويستفاد من ذلك أن هذه الحروف رموز بين الله سبحانه وبين رسوله صلىاللهعليهوآله خفية عنا لا سبيل لأفهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها وبين المضامين المودعة في السور ارتباطا خاصا.
ولعل المتدبر لو تدبر في مشتركات هذه الحروف وقايس مضامين السور التي وقعت فيها بعضها إلى بعض تبين له الأمر أزيد من ذلك.
ولعل هذا معنى ما روته أهل السنة عن علي عليهالسلام ـ على ما في المجمع ـ أن لكل كتاب صفوة ـ وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي ..
قوله تعالى : « كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ـ إلى قوله ـ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » مقتضى كون غرض السورة بيان الوحي بتعريف حقيقته والإشارة إلى غايته وآثاره أن تكون الإشارة بقوله : « كَذلِكَ » إلى شخص الوحي بإلقاء هذه السورة إلى النبي صلىاللهعليهوآله فيكون تعريفا لمطلق الوحي بتشبيهه بفرد مشار إليه مشهود للمخاطب فيكون كقولنا في تعريف الإنسان مثلا هو كزيد.
وعليه يكون قوله : « إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ » في معنى إليكم جميعا ، وإنما عبر بما عبر للدلالة على أن الوحي سنة إلهية جارية غير مبتدعة ، والمعنى أن الوحي الذي نوحيه إليكم معشر الأنبياء ـ نبيا بعد نبي سنة جارية ـ هو كهذا الذي تجده وتشاهده في تلقي هذه السورة.
وقد أخذ جمهور المفسرين قوله : « كَذلِكَ » إشارة إلى الوحي لا من حيث نفسه بل من حيث ما يشتمل عليه من المفاد فيكون في الحقيقة إشارة إلى المعارف التي تشتمل عليها السورة وتتضمنها واستنتجوا من ذلك أن مضمون السورة مما أوحاه الله تعالى إلى جميع الأنبياء فهو من الوحي المشترك فيه ، وقد عرفت أنه لا يوافق غرض السورة ويأباه سياق آياتها.